الثلاثاء، 10 أغسطس 2010



أبحث عن كلمةٍ كبيرة يا الله ،


كلمةٍ حين تسمعها صديقتي البعيدة .. تدرك كلّ ما أريد قوله لها دون أن تجزع ، دون أن تقلق ، دون أن توبخني على حزنٍ أكبر من طفولتنا البيضاء معاً !

كلمةٍ حين أفتح شبّاك أمنياتي ويتحول قلبي إلى غيمة .. ترتفع بي أكثر قليلاً دون أن أسقط ، دون أن أتجرع خسائري الأخيرة أكثر من ذلك !

كلمةٍ حين تمطر السماء ، وحين تسقطُ نجمةٌ ما ، وحين تحتضنني صديقة .. أستطيع "رغم الدهشة" لفظها قبل أن تنتهي الأشياء الجميلة حولي !
كلمة أقولها قبل أن يسقط قلبي على الأرض ، قبل أن يضيع العمر ، ويتبدد الحلم ، وتعود كلّ الأشياء كما كانت !

كلمة حين أهمس بها في أذن صديقتي ، تدرك جيداً أني أشعر بيدها حين تمتد إليّ .. أعلم أنها يدها "وإن كانت كلّ الأشياء غاية في الظلمة" !

كلمة أستطيع دسها في الرسائل ، في الأشياء التي سأحكيها لهم ، في الأسرار المخبئة فينا ، في الأعياد والمآتم والأفراح المزيفة !

كلمة حين أقولها لا أبدو كصبية تتحدث كثيراً ، وفي الصباحات التي لا تملك ألواناً : تخبر المارّة الذين يحملون أكواب القهوة أنها حزينة !


كلمةٌ كبيرةٌ جداً يا ربّي ،

الأحد، 8 أغسطس 2010

كلّ عام وأنتَ عيدي ||




* يمكنكِ أن تثقي بقدرة الوقت على الشفاء ، إن لم تثقي بالناس !


وكان أن صدّقتكَ وعلّقت قلادة على عنق الأعياد .. مهاودةً لتتركني في وجعي ، أو لتسكب عليّ شعوراً فيروزياً أقرب للنسيان .. شعوراً لا أستطيع لمسه ولا إدراك "كيف يفترضُ بي أن أشعر" ؟!

في الأعياد التي يجمع الناس كلّ الأشياء الباعثة على الفرح في داخلهم .. وينفقونها بتبذير !

وفي الأوقات التي أتعثر فيها بفرحٍ كبيـر .. كبيرٍ لدرجة أنه يرفعني عن الأرض "نشوة" .. أدركُ أنّ الوقت لم يكن يوماً كفيلاً بالشفاء ولا بالنسيان ، وأنّ الأشياء المعطوبة في داخلنا تحتاج الكثير من الأصدقاء / الكثـير من الأحضان الغير متفق عليها / الكثـير من تذاكر العودة / والكثير الكثير من البوح الشفاف ..

وفي كلّ مرّة أقف على حافة الفرح ، وتكاد تنزلق قدمي وأسقط عن الحزن الإنسانيّ ... أتذكّر أنك أخبرتني أنّ الوقت كفيلٌ بأن يجعلني سعيدة "دون أن أضطر لإحداث ثقبٍ في قلبي وإخراج الأشياء السيئة منه" ..

أخبرتني بأنّ الثقل في صدري سيزول ، وبأنّ كلّ الأشياء ستكون بخير .. فأتراجع خطوة إلى الوراء !

أخاف السقوط وإن كان إلى فرح .. أخاف أن تنزلق قدمي والناس الذين أحبهم في الأعلى ، أخاف ألا أعرف كيف أكون سعيدةً جداً !


ولأنها مواسم الفرح كما يظنون ، ولأني أستطيع رؤيتك ولمسك من خلال الأشياء التي تظنها ميتة ، وأظنّ أني أتنفسها .. ولأني أحبّك كثيراً : سأدسّ في يدي الباردة رسالة تطمئنك بأنّ الموت لا زال أجمل ، وبأنّ هذا العيد باهتٌ لا يستحق عناء أن توجع رئتيك محاولاً التنفس / محاولاً أن تكون واقفاً بين كلّ الوجوه التي ألمحها ذلك اليوم !

سأخبرك بأشياء كثيرة ...

بأشياء لن تصل آذانهم ! ربّما الدنيا أصابتهم بالصمم ، أو أنها أصابتني بالخرس حتى صرت أتوهم أني أستطيع الحديث دون أن يمرّ من خلالهم ولا يشعرون به ! دون أن يتكوم الحديث في حلقي دون أن يلتفتوا ! دون أن يستحيل كلّ ما أحكيه ضباباً !

وحدك سترتطم بك كلّ الأشياء التي أحدّثك بها فجر العيد : أنّي لا أملك يقيناً يمكنني من النظر في أعينهم وخلع قلبي وإفراغه من الوجع ، ثم إعادته حيث كان !

وسأخبرك بأنّ كلّ الأصدقاء ساخطين على الحزن الذي أشعر به مؤخراً كثيراً جداً ، وأنهم "رغم ذلك" لن يجدوا في أعيادهم مساحة لإرضاء الطفل اليتيم في قلبي ! لن يجدوا الوقت ليعرفوا ما إذا كنت لا أزال أتنفس !


كلهم ساخطون على حزني وبعيدون .... إلا أنتْ !

.... وأكـثر ،




لأنّي هكذا .. عصيّة على الكثير من الأشياءْ ،

أخاف خسارة أشيائي الصغيرة ، أخبّئها حيثُ أظنّ أنّ الدنيا حين تكون سيئة وتريد إغضابي أنّها لن تطالها !

أخبّئ كلّ الأشياء بحرص .. وأنسى قلبي مكشوفاً / مجرّداً .. كسخريةٍ كبرى للحياة بأنكِ لن تؤذيني "على الأقلّ أكثر مما فعلتِ" !


في داخلي انكسارات لكني "بطريقة ما" أستلذّ بها ..

وحولي أكتاف تسندني "أحياناً" وتنسى أحيان أخرى ! ورغم ذلك فاعتيادي على السقوط أكبر من اعتيادي على الاطمئنان !

معطوبةٌ أنا أيتها الدنيا ، وعاجزةٌ عن الحبّ أكـثر من ذلك ..

هكذا أنا ، راضية بالحدّ الأدنى من التنفس ،


//


الآن أملكُ الشجاعة الكافية لأخبئ الموتَ كأمنيةْ .. أعلمُ جيداً بأنها ستكون بخيرٍ من دوني ،

و .. أحبّك كثـير ،





وصارتِ الذاكرة انتِ ، والتعب انتِ ، وصرت أنتِ القلب والروح ..


لم يكنِ الغرق يوماً خياراً متاحاً بالنسبة لي !

إما أن أكتبَ لكِ ما يخدّر الإحساس بالوجع .. الوجع الذي أحسه حين أنتظرك "وأنا ممتلئة باليقين بك" لأقرأ في عينيك / في صوتك نبؤة بأنك ستكونين قريبة ليومٍ آخر ، يومٌ واحدٌ فقط .. لأستطيع النوم دون أن أشعر بالوجع في قلبي ، وأنا أعلم بأنّك ستكونين هنا صباح الغد ..

أو أن أغرق دون أن أؤذيك بأشياء لن تقرأيها كما أردت ، بجنونٍ سيصلكِ مشوهاً على أية حال ، ستقلقين كثيراً فقط .. ولن تفهمي لمَ أصبحتُ مؤخراً أخبئ الموت كأمنية ،

أعلم أنكِ تشعرين أني لم أعد كما كنت !

أعلم أنكِ رأيت روحي تخرج مني ، ولكن "لسببٍ ما" لم أكن أملك الجرأة الكافية لتوسّد الموت ، فعادت لي روحي كرهاً ..

أنا الآن أتنفس يا صديقة .. أتنفس لكن بنصف رئة ، ونصف قلب ، ونصف ذاكرة ونصف فرح !

أنا الآن معطوبةٌ لا أملك الكثـير ... لا الأصدقاء ولا الهواء ولا الأكتاف !

أملك فقط يقيني فيك ، وصوت أمي ، ورائحة المطـر ، وأنصاف ابتسامات ..

أعلم أنكِ ترين روحاً أخرى تبدلت تماماً ، وعجنتني الخيبة أكثر مما يمكنك تصوره !

وأنا الآن ألتقط نفساً وأتخاذل عن الآخر ، وأبكي كلّ ليلةٍ يا صديقة ، وأشعر بأني حزينة أكثر من اللازم / قريبة من الانهيار أكثر مما يجعلني أقوى على الوقوف ، والابتسام ، والنظر في عيني أحدهم !

وكلّ ما أفكّر فيه هو أنني أخشى أن تريني عارية ، أكره أن تري حزني دون غشاوة ، أكره أن تدركي كم أنا موجوعة ، وكم أنتظر منكِ لأشفى ..

أكره أن أرمقك بتلك النظرة التي تخبركِ بأني أعلّق عليك فرحاً ما يا صديقة ، وأكره حين أنتظر منكِ أن تهمسي لي بأغنية تجعلني أنسى كلّ شيء ... وأنام ! فأظلّ أعجن بين يديّ خيالات صوتك ، والأرق الذي أخاف عليك منه ... حتى ينتهي ليلٌ ويبدأ آخر !

تعبت من السهر يا صديقة ، من الأرق ، من الوجع .. تعبتُ من الدنيا ومن الأغنيات التي لا تجعلني أنام !

أكره أن أخبرك بأني حزينةٌ جداً لأنّ الأعياد باتت قريبة ، وأنّ عليّ ألا أبكي ! وأني لم أنو الفرح أصلاً ، ولن أتكبد عناء تشكيل ملامح وجهي ليظنوا أني بخير .. أنا ميتة ولا يجدر بي أن أبتسم حتى !

أكره أن أتحدث إليك كثيراً جداً ، ورغم ذلك لا أستطيع إخبارك كيف أشعر ، ولا ما الذي أحتاج إليه ، ولا أستطيع أن أعترف لك بأنّ الأيام الخالية منكِ ما هي إلا مقابر للذاكرة ، وأن انتظاري لك يصنع في قلبي غصّة كبيرة ، وأختنق !

أكره أن أطلب منك أن تكوني قريبة ، قريبة ، قريبة .. أخاف أن يمسّكِ الوجع أو أن أؤذيكِ أكثر مما فعلت !



* خبّئيها حتى أكون بخيرٍ تماماً ، أو غاية في الموت ...