الجمعة، 29 يوليو 2011

إلى روح .... ــه ،




وحين تكون الحياة حـياةً أكثر مما يجب ، علينا أن ندرك أن نبؤة الموت هنا ، علينا أن نمزّق رئاتنا لـ نشتمّ رائحته ، لـ نمدّ أيدينا بقلق لكلّ الذين نحبهم ..
وحين يكون الموت غريباً بما يكفي ، كان عليه أن يعانق أطيبهم ، وأجملهم ، وأكثرهم صدقاً ..
يكون الموت حين تشعر بأن حبلاً يُشدّ على رئتك ، حين تشعر بأنك تعجز عن الحركة ، وكأن بحراً مالحاً يغمرك حتى قلبك المثقل بالحَزَن ، يكون الموت حين لا يكون للحياة معنى ! وحين نرى الضرّ قد مسّ أرواحنا !

لأنّ الحبّ يخلق في عينيك ماءً يعطش ، لأن قلبك ينغمس في ذات الوجع ، وذات الغصّة ، لأنك حين يحلّ الظلام تتكوّر على نفسك وتتآكل روحك لفرط الوحشة ! لفرط العجز بأن تكون يدك التي تمررها على أنصاف قلوبهم برداً وسلاماً ، لأنّك تخجل أن تخبر الله بأنك تشعر بالخوف كثيراً ، وبأنهم حزانى ، لأنّ صوت الصلاة يجعل قلبك ينتفض ، ويجعل البكاء ينحدر على قلبك المكلوم .. أنت فقط تنظر إلى السماء ، وتدرك أنّ الله وحده هو القادر على نفخ الأشياء الجميلة في أرواحهم ، هو وحده القادر على خلق الحياة من الموت ! 
ذلك بأن عينيها السابحة في فراغ تخلق فيني حزنها هائلاً ، ذلك بأني في كلّ مرة أحتضنها أدعو الله أن ينزع الحزن من قلبها ويغرسه في قلبي ، أن ينزع الحياة مني ويزرعها في قلبه .. أن تحدث رحمة إلهية تجعلها بخير ، ذلك بأني كنت أبكي وأصابعي في شعرها وهي تشهق خوفاً وطمعاً ، ذلك بأنّنا ذلك الجسد الذي يتداعى ، ذلك بأنها لا تستحق إلا الأشياء الطيبة ، والأصدقاء الطيبين ، ذلك بأنّ الفرح تفجّر في قلبي حين لمعت عيناها بـ حياة صغيرة ، بعيدة عن العمر الذي جعلها تشعر بالخوف وبأنها حزينة أكثر مما يجب !
كان ذلك الحزن في عينيها ، وذلك البكاء المكلوم الذي يمتزج بـ دعاء يتنزّل على تلك الأرواح الضعيفة .. كان كلّ ذلك الرجاء ، والخوف ، والفقد والوحدة المرّة .. يغرس أشياء حادة في قلبك ، أشياء طويلة تصل إلى أقصى قلبك لتخلق فيك ما يشبه الموت ، كلّ ذلك الشعور تتضائل أمامه إنسانيتي البسيطة ! تموت أمامه أشكال الحياة التي أعرفها ! ولا يعود للحياة التي كنت أظنها حـياةً أي معنى !

الموت لا يموت ! هو يُبعث في كل رائحة ، في كلّ كلمة ، في كلّ الأشياء الصغيرة التي تستحضر فيها وجهه الطيب .. كلهم سيقعون في فخّ الحياة إلا هم ! الآن فقط يصبح الموت مبرراً بالنسبة لهم ، الآن لا يعود ثمة ما يحرضك للحياة ، ما يسرقك من يوم إلى آخر أعذب منه .. الآن كلّ الأشياء رمادية ، كلّ الأعياد جروح يعبرها الحزن المالح ، أشياء يصلّون لأن تعبر من خلالهم دون أن يشعروا بها ! دون أن يقعوا في حياة ! الآن تغدو الحياة ناقصة أكثر مما يبدو عليه الموت !
ذلك الصغير يختبئ عن الدنيا بعد أن أدرك ألا جدوى من الحديث ، وأنه لو كان كذلك لتوقفت أمه عن البكاء المرّ وتحدثت كثيراً لتحدث الأشياء الجميلة لهم مرة أخرى .. هو يخبر العالم أنّ عينيه تدركان شكل الفقد جيداً ، وأنّ يديه الصغيرتين عجزتا عن التمدد أكـثر ، حين كان يخبر صاحبه عن الجنة التي ذهب إليها قلبه الآخر .. عن وطن الأشياء الجميلة التي لا تحدث فيها أشياء سيئة كموت أخيه ! هو الآن يميز جيداً رائحة الموت .. هو الآن نصف يتيم ، بروح معطوبة ونصف حياة ! 

الجمعة، 22 يوليو 2011

يا قلب أني غصـن لا حياة له ! *



أنا كائن من طـين ، إلا أنّ كلّ الكائنات المخلوقة من الطين مثلي لم تعد تراني !

العالم الذي أعرفه ينهار ! والأشياء تتسرب إليّ من طفولتي ،
من بشرتي السمراء ، وشعري الطويل المجعّد ، وأسناني الصغيرة ..
من أحلامي الغريبة ، والوجوه التي آلفها وأبتسم لها دون أن أعرف أسماء أصحابها !
من رائحة الطين الذي أجمعه في يدي وأدسّه قريباً من أنفي .. وأشتمّ رائحة الإنسان في صورته الأولى ، حين يكون أقرب إلى نفسه ..

الحكايا التي صارت أصدقائي ، القصائد البيروتيّة التي كنت أقرأها تحت سريري ، حديث الشعراء الذي أسرقه من الليل .. وأفتح عيني جيداً ليتسرّب الجمال فيه لقلبي .. كان حزناً ذات ليلة !
كان ذلك الحزن الرقيق تمتدّ له ألف يد ، ويفتح له ألف قلب .. وكانت النقطة الأخيرة في ذلك الحديث العذب دمعة رضى ..
لكن ذلك الشاعر مات من حزنه بعد ألف عام طويلة ، وأدرك بعد ألف خيبة أنّ الطين قد يجفّ أو ينكسر ، وأنّ كلّ تلك الأجساد التي كانت تصطدم به في الزحام لم يكن من بينها قلب نابض ليّن !
ذلك الشاعر لم يعد من الموت ليخبر أحداً أنّ البشر سيئون ! وأنّ الموت أجمل لأولئك الذين يشعرون بالوحدة ، للذين يشعرون بأنّهم يتنفسون جيداً حين يلقون بأنفسهم بعيداً عن حياة ، للذين يشعرون بالحنين لأصدقائهم ..


كنتُ أراك في أحلامي .. حين أمضي يوماً بلون الرماد ، ويتكسّر في صدري ألف قلب من الطين دون أن يلين أحدها .. حين أغفو وأنا أشهق من البكاء ، أو حين أعجز عن النوم لأنّ الحياة لم تعد مكاناً يشعرني بالأمان !
كنت تمرّر أصابعك الرطبة على خطوط يدي ، كان الطين / الإنسان فيني يتنفّس ..
كنت تنفخ في قلبي أصوات تشبه أصوات أصدقائي ليكون الحنين برداً وسلاماً ..
كنت تضع يدك على مضغة الطين في صدري ليذهب عني الحزن ..
ولما كنت أسألك عن اسمك .. كنت تخبرني بأنك باقي الجسد الذي يتداعى لي بالسهر ..

الأربعاء، 20 يوليو 2011

على "قيد" حياة !


ظلّ الحديث عالقاً في حلقه ، يتكوّر بشكل غصّة تجعل ابتسامته بعد هذا العمر تبدو وكأنها متصنعة ! 
وفي كلّ صباح ، في كلّ جنّة ، في كلّ فم عصفور .. كان يفتح فمه ويصير الحديث مطراً .. لأنها ليست معه !

هو يعجز عن إخبارها أنّ العابرين على أيامه "وهم كثر بالمناسبة" لم يستطيعوا محوها من ذاكرته المريضة !
هو المهووس بالأشياء الصغيرة التي فتحت له أبواب الجنّة الدنيوية ..
كانت كلّ تلك الأحذية النسائية الحادة الأطراف ، والروائح المحكيّة ، كلّ الألوان التي مرت أمام عينيه بسرعة استحالت معها لوناً واحداً ابيضت منه عيناه !
كانت كلّ التفاصيل الأنثوية الباذخة عاجزة عن أن تنسيه إياها !
هو فقط يعجز أن يخبرها أنّ ذلك الغياب كان مبتذلاً أكثر من اللازم ، وأنّه ما كان يجدر به أن يدعها تكبر بعيدة عنه ! لتتغير ملامحها ، لينبت الغيم في صدرها ، لتلتقي أعينهما ولا يعرفها .. ويدرك أنّه كان ميتاً منذ ذلك العمر !

لأنه لما كان الصباح الذي تشابه فيه البياض .. كان يقسم لها بأنه يحتفظ بها في قلبه ، وأنّ عليه أن يرحل لأنّ أمه ماتت ! وعليه الآن أن يكون مستعداً للموت جيداً .. وحيداً ، حزيناً ، وبلا أصدقاء !
أخبرها أنّ البكاء .. هو الدليل الوحيد على إنسانيتنا ، وأننا "نحن البشر" نكتب لأننا عاجزون عن البكاء ، ونبكي لأننا عاجزون عن الكتابة ! ذلك أننا نستلذّ بالدرك الأسفل من الحزن ، ونرصف بكاءنا لـ نصعد إلى السماء ، لنشتمّ رائحة أمهاتنا في الجنّة ، لنكون إلى شكل الإنسان أقرب ، وإلى الموت أقرب ..

كلّ ذلك الرحيل الكلاسيكي ، والفقد الذي يحدث فراغاً ضخماً في قلبها الصغير أفقدها القدرة على الحديث هي أيضاً ، وأدركت بعد عمر آخر .. أنّ عليها أن تجمع طرفي الإنسانية لتشعر به وكأنه كان هنا !
أنّ عليها أن تختنق ، ليبقى متسع من الهواء ليكفي ذلك الغريب ليبقى على "قيد" ..
أنّ عليها أن تموت .. لأنّ الدنيا لم تعد تبتسم لها حين رحل !
ولأنّ الأرض كبيرة لـ درجة أن صباحاً واحداً لا يتسع لها ،
ولأنّ الوجوه البعيدة تخلق فينا غصّة لا يخرجها إلا الذين تكوّنت من أجلهم .. لم يخطر ببالها إلا أن تكتب له رسائل طويلة .. تخبره فيها عن أسماء أصدقائها الذين التقطهم الموت من بين يديها ، عن السواد الذي خلق تحت عينيها ، عن الفجائع ، عن الحزن اللذيذ ، وعنه ، عن أنّها لا تزال مريضة به .. وأنّ ذلك الفرح الوحيد الذي جمعهما ذات يوم ، هو كلّ ما يبقيها الآن على عتبة السماء الأولى .. وأنّ الطريق إليه لا يزال طويلاً !

الثلاثاء، 19 يوليو 2011

الأصدقاء داء ! *



الصبيّة التي تخلّى عنها أصدقاؤها ، التي تحاول أن تحكي أشياء جميلة ، التي تخبئ في جيبها حكاية بيضاء ، وفي صدرها المتعب قلباً أشدّ بياضاً ..
تلك الصبيّة أخبرتني مرة أنّ الأصدقاء داء !
هكذا أخبرتني بجعتي البيضاء ، وأنا التي كنت ممتلئة بأولئك الذين يخبرون الآخرين بأنّي صديقتهم الطيّبة .. لم أكن لأظنّ أنّ الأصدقاء داء بالضرورة !
كنت أرى أصدقائي الذين يصنعون أشياء تبدو جميلة من أجلي ، كنت أسمع صوتهم الفيروزيّ الذي يخبئونه لي مع قطعة السكّر ، كنت ألمس ايديهم .. ولا أشعر إلا بالوجع !
رغم ذلك ، لم أدرك بأنّهم داء حقيقي يؤذينا الشعور الذي يُخلَق فينا من خلالهم أكثر مما يبعَث على الفرح !

الصبيّة النحيلة التي تشبه تشرين في برودته ، في وحدته ، في اصفراره وطيبته ، في غيابه المقلق .. أخبرتني أنّ الأصدقاء لا يفهمون !
هم فقط لا يفهمون ما أشعر به ، رغم أنّي أخبرهم أنّي كنت أبكي ، وأني كنت أشعر بالدوّار ، وأنّي فقدت ذاكرتي ، وأنّي لم أستطع النوم .. أبداً !
لا يفهمون أنّي معلّقة في غيمة ، يأخذني الموت ويعيدني إليهم .. بأطراف باردة وبلا روح !
لا يفهمون أنّ عابراً غريباً سينظر في عينيّ البنيّتين ، وسيخبرني أنّه لا يجدر بي أن أنتظرهم ، ويرحل ..

كلّ أولئك الذين رحلت عنهم ،
كلّ أولئك الذين غادرتهم ،
كلّ أولئك الذين ألقيت بهم في الغياب ،
كلّ أولئك الذين كانوا أصدقائي في حياة أخرى ،
فقط لا تعودوا !
لا تحفروا قبور الذاكرة وتخبروني أنّكم تشتاقون لتفاصيلي ..
الأصدقاء داء يا أصدقائي !

اثر العمر "سـارة" ..



أولئك الذين يحكون للغرباء حديثاً مطولاً عن أصدقائهم ، ويغلفونهم بكلمات لا يشبهها شيء .. أولئك الذين يشعرون في عمرٍ ما بأنّ حديثهم لأصدقائهم انتهى ! وأنه لم يعد هناك شيء آخر يحكونه عنهم .. من أين لهم القدرة على اختزال أصدقائهم في أحرف ؟! واختصار العمر الذي بينهم في "رسائل" ؟!

الآن لما أردت الحديث عنك .. عن قلبك الطيّب الكبير .. غمرني بكاء حلو !
لأنّك لا تختصرين في حديث ، لأنّي أعجزّ عن طيّ العمر معك في حديث يقرؤه غرباء عنا … غرباء لا يدركون كيف كانت الصباح العذب يفرد لك جناحاته ، لا يدركون كيف كنّا ! وكيف كنت صديقة تقدر أن تكون لي أكثر من قلب ، أكثر من روح ، وأكثر من ذاكرة .. لا يدركون شكل ابتسامتك ولا كيف يمكن أن تكوني طيّبة كالملائكة ..
الآن أدركت ، أنّك الوجه الباقي من الأصدقاء .. الذين يسرقون من العمر حديثاً مطولاً ، ولقاءاً برائحة عطر تميّزه حواسّي ، فقط لأنهم كانوا قلقين من حديثي الأخير ، القصير جداً !

الأمر أنّ يدي تؤلمني لـ كثرة ما كتبت رسائل أخبرك فيها أني أخشى أن أعجز عن الحديث ، أن لا أقدر على الكتابة بعد الآن ! وأنّ عليّ أن أعزّي نفسي في يدي بعد كلّ حديث وأستعدّ لأن أقضي العمر الآخر بلا رئة ، بلا قلب ، بلا أطراف دافئة .. وكأنّ ما نحتاجه لأن نكتب هو "عشرة أصابع" !
الأمر أني أخاف أن أسألك : هل تدركين الوجع الحقيقي ؟! هل فشلت في إخفاء إسقاطات القلب عن عينيك ؟!
هل وقعت أنصاف ابتساماتك ، وأنصاف أسئلتك في الفراغ العميق في قلبي ؟!
وأخبرك أني لست يتيمة ! وتبتسمين .. كأنك تخبريني بأنّك ظلّ قلب ، بأنّ يدك الغضّة قريبة ، وأنّك تملكين كلّ ما يلزم لتزيلي الأشياء السيئة من قبلي .. رغم اليتم ورغم الحياة التي آذتني ، رغم الأصدقاء المعطوبين ، ورغم الأصوات التي بحّت دون أن تكمل أغنيتها الحزينة !

وأنا أخاف أن تموت الفتاة الصغيرة التي تحكي حكايتها فيني !
أخاف أنّ أتعلّم الصمت !
أخاف أن أغيب مثل تشرين !
أخاف أن أتآكل من الحزن والوحدة !
أخاف .. لأنّ أطرافي باردة وكلّ الأشياء تذوب ، إلّاي !

الخميس، 14 يوليو 2011

تحشرني الحياة في زوايا ضيقة !




الآن أشعر أن رئتي تلتصق بالجدار ، أو أنّ الجدار ينهار على رئتي .. الجدار الذي لا يزعج غيري .. ولا يراه غيري !
يصدر التنفّس في رئتي أزيزاً مزعجاً مرهقاً يعجن ليلي ليطول أكثر مما يجب .. لأعجز عن الموت ، وأعجز عن الحياة ، وأعجز عن النطق !
أتكوّر على نفسي وأقلب بكائي ذات اليمين وذات الشمال ، وأدعو أن تحدث معجزة قبل أن تشرق الشمس وأستيقظ على ذات الحياة التي آذتني !
في الأيام السيئة مثل هذه .. أشتهيك تعود إلى الحياة ، أشتهي أن أخبرك ما الذي يحدث .. لأنّك وحدك تقول الأشياء التي يجدر بك قولها ، الأشياء التي تجعلني أكثر هدوءاً ، أكثر أماناً ، وأقل حزناً ، لأنّك وحدك تفعل الأشياء الصغيرة التي تذوّب غصّتي في ماء الفجر البارد ..
لكنّك ميت وهم لا يشعرون ! والعصفور في قلبي الصغير ما عاد يغنّي !
صرت كلّ ليلة أحفر رئتي قبراً للعصفور ، أختنق ويضيق بي الهواء ، أرفع رأسي أبحث عن جهة خامسة .. إلى السماء أقرب ، أبحث عن سماء قطنيّة أتعلّق بها وأرحل عن هذه الأرض السيئة ، لألتقيك .. لأخرج الأشياء الحزينة من قلبي وأرميها لتتساقط مطراً على حيّ فقير .. ليضحك الأطفال على الأشياء التي تحزنني ، ليسخروا من بكائي .. لئلا يفهموا ، أنّ ثمة ميّت يلقي عليهم نكاتاً لا تدفع إلي الضحك !

تموت أكثر الأشياء الجميلة التي كانت في قلبي ، أسقط من جوف الكثيرين ، ويسقط آخرون من جوفي ، ولا أزال أخجل أن أخبر أمي أنّي أشتهي هدية في صندوق أصفر كبير .. لتخبرني أنها تحبني كما أنا ، لتخبرني أنّها تصدقني ، وأنّ أصواتهم المقرفة لا تصل آذانها الطيّبة !

هكذا تكون الوحدة يا صديقي ، حين تخلو من الأصدقاء ، من قلب أمّك ، من الحديث والهواء والحياة والصباح !
حين لن يخبرك أحد بأنه لا يجدر بك أن تموت .. حينها فقط تكون وحيداً كيتيم ! لتسخر منك الدنيا ، لتذكرك بما أنت "تماماً" لست عليه ! أنت لست إنساناً يستحق الأشياء الجميلة في نظرها ! أنت نصف …. وتشرق الشمس ولا زلت حيّة !

الاثنين، 11 يوليو 2011

لـ قلبنا ،



لو أنّ تفاصيل الأصدقاء السخيّة كان يمكن أن تختصر ، ستكون انتِ وحدك ..
ولو أنّ الأبجدية كانت رئتي الثالثة لـ سبب ، فذلك لأجل أن أزرع الحديث في قلبك ، الحديث الطويل الذي يخبرك بأنّك طيّبة ، وبأنّك أمـان ، وبأنّ الدنيا لا يمكنها أن تحزنني أو تثير غضبي حين تكون المسافة بين قلبينا لا تتعدى احتضان .. الحديث الذي يمتلئ به قلبي ، وأشعر أنه لا يليق بك ..
ولو أنّ الدعاء يضعنا في طريق واحدة ، لملئت فمي بـ : قلبنا يا الله ! مضغتنا الصغيرة التي صارت شيئاً واحداً بعد كلّ الطرق التي سلكناها معاً حتى تورّمت أقدامنا ، حتى كبرنا ، حتى صرنا نحمل الملامح نفسها ، القلب نفسه ، الحياة نفسها .. وحتى الخوف الصغير نفسه !

الغياب الأطول الذي عبرت فيه أياماً اعتيادية كثيرة دون أن أتناول الشوكولا معك ، دون رائحة قلبك ، دون عينيك ، ودون خاتمك الذي تدورينه في اصبعك وانت تحكين لي عن الدنيا ..
الموت الذي سرقك مني بحماقة في حلم باهت ، استيقظت منه بـ حنين يقضم قلبي ، بنصف روح ، ببكاء مخبأ على صوتك الدافئ الذي يخبرني بأنك ستقصين شعرك "وبأنه سيبدو جميلاً" ..
الوـعد الذي ألقيته علي ، وتحقق بأجمل مما تصورت ، وصوتك الهامس الذي أدرك فيه أنّك تعلمين تماماً ما الذي أريد إخبارك به ..
كلّ ذلك فجّر قلبي على أطراف المـوعد الذي سرقناه من الدنيا ، لأننا أصدقاء عمر ، لأنّ لنا قلباً واحداً ، لأننا يجب أن نتنفّس معاً .. لنعيش !

من بين كلّ أولئك الذين أتحدث عنهم في غياب ، انتِ الوحيدة التي لا يحتاج الحديث عنك لأن يُستحثّ !
انت الوحيدة التي لا أشعر أنّي أحتاج لأن أجمع تفاصيلك اللذيذة ، والأغنيات التي تشبه صوتك ، وفستانك البنفسجي الجميل .. لأحكي للعالم عن صديقتي التي لا يشبهها أحد !
انت الوحيدة التي لا ينتهي الحديث إليها بـ "نقطة" لأنّ ثمة عمر آخر سيجمعنا ..


شكراً لـ يوليو الذي أتى بك ، الذي كان برداً وسلاماً على قلبي ..
لـ صوتك الذي يخبئ بكاء الحنين بابتسامة كبيرة ، وسرّ صغير ..
شكراً لقلبك الطيّب ، الاستثنائي .. لأنّ الأشياء معك لا نهاية لها !

الجمعة، 8 يوليو 2011

.



يوم أنّي رأيت وجهك النيّر قبل "نصف عمر" لم أكن أخشى حينها أن يسرقك مني الموت في حلم .. وأن أستيقظ من نومي بـ اختناق حقيقي ، ببكاء عاجز ، بقلق لم يطفؤه صوتك المبتسم الذي شربته كثيراً اليوم ..

الفراغ الهائل في قلبي ، والوجع الذي لا يمكنني أن أحكيه ! عيناي اللتان تحدقان في كلّ شيء وكأنها تخبر الدنيا أنّ ما حدث لم يكن سوى حلم سيء ، سيء للغاية ! وأني لن أفقدك هكذا .. ببساطة !
لا يمكن لأحد أن يفهم ماذا يعني أن أفقدك ، وأن يكون عمري القادم خالياً منك !
الموت الذي كنت أتندّر عليه ، أحكي عنه كثيراً ، وأجرّب أن يكون صديقي وألا يصيبني في قلبي .. أخذك أنتِ !
من بين كلّ الأشخاص حولي ، الأشخاص الذين لن أشعر بالحزن في قلبي إن غابوا ، الذين لن ينقلب عالمي حين لا يكونون هنا .. التقطك مني ، في الوقت الأطول الذي مضى من عمري وأنت بعيدة عن عيني !
وكأنّي أرى حلمي السيء يخبرني أنّ حياتي الصغيرة التي ظننتها جميلة ، يمكن أن تنهار في أي لحظة ! وأنّ أصدقائي الطيبين يمكن أن يتصعّدوا إلى السماء ، واحداً تلو الآخر ، وعليّ أن أتكئ على قلبي الفارغ عمري المتبقي .. وأن أعيش حياة لا تشبه الحياة التي أعرفها !
كأنّ الأحلام السيئة تخبرني بمدى ضآلتي ، وأنّ موتاً واحداً "مهما كان يعنيني" لن يغير شيئاً على هذا الكوكب !

وجه أمّك المليء بالحزن ، حاجاتك الصغيرة ، قطع الدنيا ، وذاكرتنا ..
ماذا يعني أن تقدم لي أمّك جزءاً منك ؟! أن تتخلى عن حياة ابنتها الباقية وتمدّها لي .. كأنّ جزءاً منك يخصّني وحدي ، كأنها أدركت العطب الذي أحدثه رحيلك المتخيّل في روحي ، كأنّا صرنا بعد هذا العمر . شيئاً واحداً ..

أخبري تلك الأحلام السيئة التي تبكينا ، وتبقي في قلوبنا غصّة كبيرة وعيوناً قلقة تدور في الأرض تبحث عنك .. أنّ الموت إن عبر بيننا .. أني أودّ الرحيل معه قبلك ! وسأفعل ..