الاثنين، 28 فبراير 2011



الآن أدس يدي في جيبي وأقسم أني ألمسه .. بارداً ، رمادياً ، صلباً كحجر ..


أن تعجز تماماً عن الرؤية ، أن تلمس قلب أحدهم مجرّداً ولا تستشعر النبض فيه ، أن تراهم من السماء .. لا يعني بالضرورة أنك ميت !
صديقتي التي غيّبتها الدنيا أخبرتني أنّ الموت موجع ، موجع لـ درجة أنه لن يمر بجانبك ببساطة ، لن يعبر ! لدرجة أنه يخلّف دوماً موتى آخرين يرتكبون الحياة ..
صديقتي التي أدركت بأنّ موت الأشياء الجميلة عبر بالقرب مني ، كانت تبتسم ابتسامات باردة كلما رأتني أغصّ ببكاء مرّ أخبئه حتى عن نفسي .. كانت ترسل لي أغنيات جميلة في الصباح ، كانت تجمع يديها وتضع فيهما قطع زمرّد صغيرة ، وتنفخها في روحي ..
صديقتي التي رحلت عنها "لأنها لم تعد تجعلني أحزن" .. لا تدرك أني ميتة أصلاً !

الآن أشعر بالخفة ، الخفة التي تقودك نحو السماء رغم إرادتك .. خفة الموت الذي يجرّك معه إلى مكان لا تعرفه ووجوه لا تألفها ! الموت الذي يتآمر بخبث مع الأشياء السيئة فيك ، ويلقي بك لـ تكون بينهم ، ميت وتمارس الحياة كما يريدون ! أنت تعيش قسراً ، وميت رغماً عنك ..
وعليك أن تدرك أن موتك "رغم بشاعته" ، أجمل ما حدث لحياتك البائسة !


الآن أدركت أن أنصاف الأصدقاء يبثون فيك حياة أكبر من تلك التي يفعل الأصدقاء الحقيقيين ،
الآن يا صديقة ، أرى جيداً الطرق المؤدية إلى الموت !

الاثنين، 21 فبراير 2011

ظللت أحبس البكاء عنك حتى جفّ السواد في عيني ..




أقسم أني حين أسير بينهم ، أكاد ألمحك تتساقط مني .. ميتاً !

ولم يتبق في جيبي إلا الكثير من الحنين ، الحنين لأشياء أشبه بالسحر .. لشدة ما كانت أبوابي الصغيرة السرية إلى دنيا جميلة جداً ، للسنين التي تسللتها عبوراً إلى تلك الأبواب ، للشعور الباقي في فمي بعد أن انتهى كلّ شيء ! وكأن كل ذلك العمر كان قطعة شوكولا فاخرة تذوب في فمي .. لا أكثر !

أنا عصفورتك التي كنت تخبئها عن الشتاء ، التي كنت تمسكها بأصابعك وتطعمها الأمل من يديك ، كلّ ما في الأمر أن تلك العصفورة اعتادت عليك ، كلّ ما في الأمر أنها تشعر بالبرد ، أنها مجروحة .. ولا أحد يرى بكاء العصافير !

لم أكن "حين كنت أتسلل لجنتك الصغيرة" لأظنّ أن كلّ ما بيننا سينتهي ، لم أحسب أنّ الأشياء الجميلة قد تكون وهماً لا أكثر ! كنت أظن أن الحياة قد تمنحنا مفاتيح الأبواب الجميلة لأننا طيبون معها .. دون مقابل !

أنت لم ترحل عني ! "أقله لم تفعل بالمعنى الكلاسيكي" ..
لم تسر مبتعداً عني وأنا مشدوهة أخبئ شهقاتي عن لا أحد !
أنت فقط لم تأت إلي ، لم تأت في الوقت الذي كنت أنتظر وعودك أن تمطر عليّ .. والآن انتهى الشتاء وأدركت أنك لن تأتي ! أدركت أنك راحل .. هكذا ببساطة ، وبقسوة أيضاً !

تمنيت لو كان رحيلك كلاسيكياً للغاية ، لو أنك التفت إلي في آخر خطوة لك ، لو أنك نظرت إلى عينيّ واستشعرت الغصة في قلبي ، لو بقي في قلبك شيء صغير من أجلي .. لـ ربما كانت الأشياء أجمل مما هي عليه الآن !
أنت حتى لم تمنحني تلك الأشياء الأخيرة ، أنا الآن أشعر بالموت دون سبب مبرر "حتى بالنسبة لي" !


//

الآن أصبحت أستحث ذاكرتي كثيراً لأستطيع الحديث عنك .. الآن كلّ الذي كان بيننا أشعر به كضباب ، أدركت أني لن أشفى منك ولو بعد حين ، ذلك أن الإنسان لا يشفى من ذاكرته ، لا ينسلخ من روحه .. ولأن يدك حين سقطت بي من الدنيا ، تمزّق قلبي الصغير !

لا تحاول بعد كل شيء أن تلقي علي وعداً آخر يسقط على قلبي الفارغ !
ماذا أفعل بالمواثيق التي سكبتها في أذني طوال عمرنا معاً ؟!
ماذا أصنع بالعمر الجميل الذي رسمته لنا في مخيلتي ؟!
ماذا أدس في أفواههم حين يتحدثون عني ؟! وعنك ؟! وعما "كان" بيننا ؟!
ماذا أقول للموت حين يأتيني على هيئتك ؟!
أنه لم يتخلّ عني لأجل أنثى أخرى !! هو تركني من أجل لا شيء !