الأحد، 27 مايو 2012

ظلّ ..



يمكنني القول بأنّي أفتقد الظلّ الذي أكتب له رسائلي ، الظلّ الذي يفجعني غيابه كلّ ليلة ! وتخيفني هشاشة وحدتي بدونه ، ويخذلني امتداده الطويل أمامي منكسراً على أقرب "عابر" !
أنا لمّا يتخلّى عنّي ظلّي .. أغرس قلبي بجانب شجرة ياسمين وأبكي ، ولمّا تزهر الشجرة أقطف لك ياسمينة فيها قلبي وربيع عمري وأخبرك أنّي أحبّك أكثر ..

أن تنمو في الناحية الجافّة من قلبي ثمرة حزن طريّة ، ولا يسقيها سوى بكائي .. يعني ذلك أنّي وحدي كفيلة بحزني هذا ، وأنّي قادرة على نفخ خريفه الأصفر الذابل متى كنت بين يديك .. وأنا حين أقول "وحدي" تعلمين جيداً أنّ هذا يعنيك أيضاً ! أنا التي أنبت من قلبك الطيّب ، وتتئكين علي ..

أنا شجرتك الليّنة التي تنبت النور ، غصنك الطريّ ، وظلّك الذي يحيّره الضوء الذي يخرج من فمك فـ يمتدّ إلى قلبك ويغرس عمره هناك ..
أنا الصبيّة التي تقف في الصدفة التي عجنها المطر ، في البقعة التي تكونين فيها أقرب إليها من قلبها الصغير ، أنا شجرة ياسمينك ، التي أصلها ثابت وفرعها في السماء ..
أنا التي أحبّك كثيراً … أغرس كلّ ما أملكه في قلبك وأضمّك إليّ لتستظلّي بظلّي ، ظلّي الذي امتدّ معك طويلاً حتى ملأني النور ، وغمرني قلبك ، ولفظني الحزن بعيداً عنه ، وأدركت الحياة ألا جدوى من إيذائي وأنا لك ..
أنا شجرة بيضاء لونها ، تنبت قناديل ، يتكئ عليها قلب من نور ، ويحيطها الضوء من كلّ اتجاه حتى خسرت شيئاً واحداً : ظلّها !

الخميس، 22 سبتمبر 2011

الدوخة هي الحبّ ..


تقضم أظافرها بعد كلّ نصّ ينتهي بها إلى عينيه اللوزيّتين .. هي المغيبة تماماً في عالمه ، تتظاهر في حياتها بحياة اعتياديّة جداً ! متناسية أنّ استحضاره من الغياب مرهق ، وأن تغييب العالم كأشباح عندما يكون حاضراً ضرب من الجنون ..
هي التي تخلق لنفسها من أشيائه جناحان صغيران بلون النور ، ترتفع خطوة عن الأرض ، وتمتلئ سعادة لأنّ ثمة من يعتني بقلبها جيّداً ..
هي التي تدسّ قلبها كلّ ليلة في يديه ، في عنقه وفي لون شعره ، في نبرة صوته الفيروزية وقلبه الطيّب .. وتظنّ أنّ الحياة ستكون بخير ، لأنّ حبّها أشبه بالنور ، بالأغنيات ، أشبه بالنوارس وباللون الأزرق ..

تشبهه ، تخبره كلّ ليلة عن الحياة وتخبر الحياة عن بعضه ، هو الذي يستحيل اختزاله في حديث واحد "مهما طال" ! ليفاجئها الأرق وينفضها الصباح قبل أن تنهي تشذيب صوتها !
يفضحها جوعها للنوم ، أظافرها المتآكلة ، ابتسامتها الشقيّة ، وتلك النظرة الطويلة في عينيها .. التي تخبره أنّه استثنائيّ ! عصيّ على الحضور والنسيان والكتابة ، وأنّ ظلاله هو ما يجعلها أنثى ، ومراسم استحضار اللوز في عينيه كلّ حنين هو ما يجعل إنسانيّتها ترضيها ، تخبره أنّه صديقها الطيّب الذي يجعلها تحتمل هذا العالم المضجر ، أنه روحها الذي ما كانت لولاه !
تعلّق عينيها في لوزه ، كاعتراف مبطّن لـ نفسها بالحبّ لتشعر بالرضى ، ليثمر اللوز في قلبها ، ليبتسم هو نصف ابتسامة ، لتستلذّ بدوختها الغير مبررة ! بالصوت الذي يغنّي في قلبها ..


تلك الصبيّة لما استيقظت من غيبوبة الكتابة عنه / له .. وجدت أصابعها العشرة ناقصة ، وجدت نفسها فاقدة صوتها ! وجدت النوارس تسكن شبّاكها وتغنّي ..

السبت، 13 أغسطس 2011

فيك شفـاء *


في قلبي لك حديث ليّن وموجع وطويل ..
حديث يأبى أن يكتمل ! يحمله لك الفرح المؤجل ، وأخبرك فيه أني نسيت بعدك كيف كان شكل الإنسان فيني !

أن يهاود الحنين فيني الفرح أن يحضرك من الغياب ، أن أزرع اليقين في أصابعي العشرة .. أنك ستمرّ من هنا ، أن أتصوّر أن الأعياد ستعود بك .. معناه أنّي أشعر بالفقر في غيابك !
قطع النور تتساقط من بين أيدينا ، وكأنّ تلك الحياة التي ألفناها غدت مظلمة ، والأشياء التي اعتدنا عليها أصبحت لا تُرى ! وأصبح الهمس في أذنك أصعب مما أقدر ! فـ بيني وبينك كلّ الذين أعرف والذين لا أعرف ! وكلّ أولئك الذين أحبّ والذين أكره ، فكيف أصلك ؟!
أنا أخاف إن حدثتك بكلّ ما سيكون ذلك الصباح أن لا تكون قد مررت فيني في حياة ، أن تكون كأحد أولئك الآباء المتخيّلين الذين يقسم الأيتام أنّهم يشتمّون رائحتهم ، أحد الأصدقاء الأوفياء الذين تترك أيديهم في قلوبنا نوراً ..
ذلك أنّ الحياة التي كانت مليئة بك كانت قصيرة وبعيدة ! وأنّ كلّ أصدقائي في تلك الحياة رحلوا إلا أنت ..
وأنا متّ بعدها ألف مرة ، أدركت حيوات أخرى كثيرة ، وفي كلّ حياة تعود إلي وجوه أكاد أميزها من حيث لا أدري ! إلا وجهك وحده لا يعود ! شكل فمك وعينيك وملامحك أصبحت أشبه بضباب يصيبني بالحيرة ، ولفرط ما بكى الفرح أمامي صرت أخالك شيئاً من رائحة الأعياد لا أكثر ! يد خفيّة تلمس يدي كلّ عيد لتخبرني : أني وطن ..

الكتابة إليك تغدو أكثر إيلاماً في كلّ مرة ، وكأنّ الأعياد دون رسائلي الطويلة إلى صاحبي الذي أظنّه متخيّلاً ليست سوى فرح ، الفرح الذي يأخذ منّا الكثير ، ولا يمنحنا إلا انحناءة زائفة على شفاهنا !
الكتابة إليك تعني أنّي لا زلت وطنك ، تعني أنّ الحياة التي جاءت بك لم تكن متخيّلة ، تعني أنّ أصابعي العشرة ستكون باردة هذا العيد أيضاً ، وأنّك ستمرّ من خلالها ، أنّ قطعة عيد بحجم السكّر ستنبت في قلبي ، وإنت كنت راحلة ..



لعلّ هذا الحديث يشفي !

الجمعة، 12 أغسطس 2011

قبل أوانه ،


الحديث المخبأ على طرف قلبي يتكوّن كـ فقاعة كبيرة ، تزداد هشاشة وزيفاً كلّما اقتربت منك خطوة ..

وأخشى أن أخبرك بالحديث المخبأ في قلبي ، أخشى أن تنفجر فقاعتي وأطير ، أو أقع فتلمسني كلّ تلك الأيدي الغريبة عني !
تلك الفقاعة تكبر في قلبي ، تدفعه إلى الجهة الأخرى ، ليبدو الوجع في الشقّ الأيسر لا معنى له ! سوى أني اعتدت أنّ قلبي كان هنا عمراً مضى ، سوى أنّي اعتدتك ، اعتدتك لا أكثر ، وأنّي "رغم كلّ هذا الرحيل" لا زلت مريضة بك !

الأشياء التي نظنّ أنها قد تجلب لنا السعادة قد لا تأتي ..
أنا وأنت ، وحدنا نعلم أنّ الأشياء االجميلة في هذا العالم لا تكتمل ، وأنّ الأعياد تأتينا مبتورة ، وأنّ الفرح يحتاج منّا الكثير ..
أنت الذي "رغم كلّ هذا الغياب" لم ترحل !
أنت الذي كنت قريباً كوطن ، ضبابياً كـ فرح .. أشبه بالأشياء المؤجلة ، بالوطن الموعودين به ، بالمنفى ، بالروح ..

لـ فرط غيابك ما عدت أعلم إن كان الموت أقرب إلينا من حبل الوريد !
ما عدت أعلم إن كانت رائحة الموت على وسادتي كابوساً أم أنّه مرّ من هنا والتقطهم !
أنت بعـيد ، وأنا سأغيب عن الأشياء التي اعتدتها ، سأغيب عن الأعياد ، عن الوطن ، وعن الأصدقاء ..
وأعدك .. لأننا نشبه بعضنا كثيراً ، بأن يكون ذلك الصباح كألف سنة مما يعدّون ..

الأحد، 7 أغسطس 2011



لأني كنت مغيّبة عن الحياة حين أتى ، كان امتداد يده مختلفاً تماماً عنّ كل تلك الايدي التي لامستني !
كأنّه لا يكتفي بـ روحٍ واحدة ! كأنه ينزع قطعاً هائلة من أرواحنا معه ويرحل ، يدع لنا جداراً رهيفاً من القلب ، نتكئ عليه في ظـلّ الحياة أو الموت "أيهما أقرب" !

كيف يمكن للأشياء ، والأصوات ، والأوجه أن تتحالف لتدفعنا إلى البكاء لهذه الدرجة ؟! أن يتآمر كلّ ما حولك بخبث لـ إفراغ قلبك إلا من الحزن !
كيف تنظر لك نظرة تخبرك بأنه ليس من حقك أن تنام جيداً ، ولا أن تبعد عنك تلك اليد التي تعتصر قلبك ، ولا أن تزيل المرارة العالقة في حلقك ، ولا أن تتعثر بمواسم فرح ولا أن تلقي بهم في "حياة" !
كيف تغدو إنسانيتك هشّة لهذه الدرجة ؟! حين تشكك في الحياة التي تقع بين موتين ! فيما لو كنت قادراً على حـياة ، على القيام بأشيائك الصغيرة التي تشعرك بالأمـان ..
كيف تكون إنساناً دون هذا الكمّ الهائل من الخواء في روحك ؟!
كيف تكون حياً رغم كلّ هذا الموت ؟!

لا يصبح للحديث معنى أمام الموت !
كأنك تهاود العمر بـ كومة أحرف ، بـ أرق لا نهاية له ، بغصّة كبيرة تعجز عن ابتلاعها ، وتعجز عن إخراجها لهذا العالم الذي يعبر من أمامك وكأنك خفيّ ! كأنّ قلبك لا يصدر صوتاً ، كأنّك "ميّت" !
تفاصيل الغياب تصبح ضباباً ! ويخبرك قلبك : احتياج آخر وستفقد القدرة على الرؤية ! ستبيض عيناك من الحزن ! ستضعك الحياة في مفترق طرق مقـزّز : أنت لا تستطيع الموت ، وهم لن يعودوا إلى الحياة !
أنت لا تملك إلا الحزن ، إلا أنّ حزناً آخر سيغسل قلبك من كلّ شيء وسيجعل ذاكرتك ضبابية ، فارغة إلا من قطع غيم لا تذكرك رائحتها بشيء بعد الآن !
لـ تدرك ، أنّ الموت لم يأخذ روحاً واحدة ! بل أنه سلبك إياه ، وسلبك ذاكرتك ، وسلبك حقك الإنسـانيّ البسـيط في أن تشعر بالحزن وتستلذّ بالبكاء المحبّ !


ولما يرحل إلينا وطن الأمنيات ، سأخبره أنّي أريد لهذا العالم أن يصمت !
أني أريده أن يلفّ على قلوبهم ثلجاً أبيض ، أن يزرع فيهم حيوات صغيرة تلقي في قلوبهم الفرح ، أن يتعثّروا بـ جنّة .. أن أتخلى عن الأشياء الصغيرة التي تنبض في قلبي ، ليكونوا بخير .. 

الجمعة، 29 يوليو 2011

إلى روح .... ــه ،




وحين تكون الحياة حـياةً أكثر مما يجب ، علينا أن ندرك أن نبؤة الموت هنا ، علينا أن نمزّق رئاتنا لـ نشتمّ رائحته ، لـ نمدّ أيدينا بقلق لكلّ الذين نحبهم ..
وحين يكون الموت غريباً بما يكفي ، كان عليه أن يعانق أطيبهم ، وأجملهم ، وأكثرهم صدقاً ..
يكون الموت حين تشعر بأن حبلاً يُشدّ على رئتك ، حين تشعر بأنك تعجز عن الحركة ، وكأن بحراً مالحاً يغمرك حتى قلبك المثقل بالحَزَن ، يكون الموت حين لا يكون للحياة معنى ! وحين نرى الضرّ قد مسّ أرواحنا !

لأنّ الحبّ يخلق في عينيك ماءً يعطش ، لأن قلبك ينغمس في ذات الوجع ، وذات الغصّة ، لأنك حين يحلّ الظلام تتكوّر على نفسك وتتآكل روحك لفرط الوحشة ! لفرط العجز بأن تكون يدك التي تمررها على أنصاف قلوبهم برداً وسلاماً ، لأنّك تخجل أن تخبر الله بأنك تشعر بالخوف كثيراً ، وبأنهم حزانى ، لأنّ صوت الصلاة يجعل قلبك ينتفض ، ويجعل البكاء ينحدر على قلبك المكلوم .. أنت فقط تنظر إلى السماء ، وتدرك أنّ الله وحده هو القادر على نفخ الأشياء الجميلة في أرواحهم ، هو وحده القادر على خلق الحياة من الموت ! 
ذلك بأن عينيها السابحة في فراغ تخلق فيني حزنها هائلاً ، ذلك بأني في كلّ مرة أحتضنها أدعو الله أن ينزع الحزن من قلبها ويغرسه في قلبي ، أن ينزع الحياة مني ويزرعها في قلبه .. أن تحدث رحمة إلهية تجعلها بخير ، ذلك بأني كنت أبكي وأصابعي في شعرها وهي تشهق خوفاً وطمعاً ، ذلك بأنّنا ذلك الجسد الذي يتداعى ، ذلك بأنها لا تستحق إلا الأشياء الطيبة ، والأصدقاء الطيبين ، ذلك بأنّ الفرح تفجّر في قلبي حين لمعت عيناها بـ حياة صغيرة ، بعيدة عن العمر الذي جعلها تشعر بالخوف وبأنها حزينة أكثر مما يجب !
كان ذلك الحزن في عينيها ، وذلك البكاء المكلوم الذي يمتزج بـ دعاء يتنزّل على تلك الأرواح الضعيفة .. كان كلّ ذلك الرجاء ، والخوف ، والفقد والوحدة المرّة .. يغرس أشياء حادة في قلبك ، أشياء طويلة تصل إلى أقصى قلبك لتخلق فيك ما يشبه الموت ، كلّ ذلك الشعور تتضائل أمامه إنسانيتي البسيطة ! تموت أمامه أشكال الحياة التي أعرفها ! ولا يعود للحياة التي كنت أظنها حـياةً أي معنى !

الموت لا يموت ! هو يُبعث في كل رائحة ، في كلّ كلمة ، في كلّ الأشياء الصغيرة التي تستحضر فيها وجهه الطيب .. كلهم سيقعون في فخّ الحياة إلا هم ! الآن فقط يصبح الموت مبرراً بالنسبة لهم ، الآن لا يعود ثمة ما يحرضك للحياة ، ما يسرقك من يوم إلى آخر أعذب منه .. الآن كلّ الأشياء رمادية ، كلّ الأعياد جروح يعبرها الحزن المالح ، أشياء يصلّون لأن تعبر من خلالهم دون أن يشعروا بها ! دون أن يقعوا في حياة ! الآن تغدو الحياة ناقصة أكثر مما يبدو عليه الموت !
ذلك الصغير يختبئ عن الدنيا بعد أن أدرك ألا جدوى من الحديث ، وأنه لو كان كذلك لتوقفت أمه عن البكاء المرّ وتحدثت كثيراً لتحدث الأشياء الجميلة لهم مرة أخرى .. هو يخبر العالم أنّ عينيه تدركان شكل الفقد جيداً ، وأنّ يديه الصغيرتين عجزتا عن التمدد أكـثر ، حين كان يخبر صاحبه عن الجنة التي ذهب إليها قلبه الآخر .. عن وطن الأشياء الجميلة التي لا تحدث فيها أشياء سيئة كموت أخيه ! هو الآن يميز جيداً رائحة الموت .. هو الآن نصف يتيم ، بروح معطوبة ونصف حياة ! 

الجمعة، 22 يوليو 2011

يا قلب أني غصـن لا حياة له ! *



أنا كائن من طـين ، إلا أنّ كلّ الكائنات المخلوقة من الطين مثلي لم تعد تراني !

العالم الذي أعرفه ينهار ! والأشياء تتسرب إليّ من طفولتي ،
من بشرتي السمراء ، وشعري الطويل المجعّد ، وأسناني الصغيرة ..
من أحلامي الغريبة ، والوجوه التي آلفها وأبتسم لها دون أن أعرف أسماء أصحابها !
من رائحة الطين الذي أجمعه في يدي وأدسّه قريباً من أنفي .. وأشتمّ رائحة الإنسان في صورته الأولى ، حين يكون أقرب إلى نفسه ..

الحكايا التي صارت أصدقائي ، القصائد البيروتيّة التي كنت أقرأها تحت سريري ، حديث الشعراء الذي أسرقه من الليل .. وأفتح عيني جيداً ليتسرّب الجمال فيه لقلبي .. كان حزناً ذات ليلة !
كان ذلك الحزن الرقيق تمتدّ له ألف يد ، ويفتح له ألف قلب .. وكانت النقطة الأخيرة في ذلك الحديث العذب دمعة رضى ..
لكن ذلك الشاعر مات من حزنه بعد ألف عام طويلة ، وأدرك بعد ألف خيبة أنّ الطين قد يجفّ أو ينكسر ، وأنّ كلّ تلك الأجساد التي كانت تصطدم به في الزحام لم يكن من بينها قلب نابض ليّن !
ذلك الشاعر لم يعد من الموت ليخبر أحداً أنّ البشر سيئون ! وأنّ الموت أجمل لأولئك الذين يشعرون بالوحدة ، للذين يشعرون بأنّهم يتنفسون جيداً حين يلقون بأنفسهم بعيداً عن حياة ، للذين يشعرون بالحنين لأصدقائهم ..


كنتُ أراك في أحلامي .. حين أمضي يوماً بلون الرماد ، ويتكسّر في صدري ألف قلب من الطين دون أن يلين أحدها .. حين أغفو وأنا أشهق من البكاء ، أو حين أعجز عن النوم لأنّ الحياة لم تعد مكاناً يشعرني بالأمان !
كنت تمرّر أصابعك الرطبة على خطوط يدي ، كان الطين / الإنسان فيني يتنفّس ..
كنت تنفخ في قلبي أصوات تشبه أصوات أصدقائي ليكون الحنين برداً وسلاماً ..
كنت تضع يدك على مضغة الطين في صدري ليذهب عني الحزن ..
ولما كنت أسألك عن اسمك .. كنت تخبرني بأنك باقي الجسد الذي يتداعى لي بالسهر ..

الأربعاء، 20 يوليو 2011

على "قيد" حياة !


ظلّ الحديث عالقاً في حلقه ، يتكوّر بشكل غصّة تجعل ابتسامته بعد هذا العمر تبدو وكأنها متصنعة ! 
وفي كلّ صباح ، في كلّ جنّة ، في كلّ فم عصفور .. كان يفتح فمه ويصير الحديث مطراً .. لأنها ليست معه !

هو يعجز عن إخبارها أنّ العابرين على أيامه "وهم كثر بالمناسبة" لم يستطيعوا محوها من ذاكرته المريضة !
هو المهووس بالأشياء الصغيرة التي فتحت له أبواب الجنّة الدنيوية ..
كانت كلّ تلك الأحذية النسائية الحادة الأطراف ، والروائح المحكيّة ، كلّ الألوان التي مرت أمام عينيه بسرعة استحالت معها لوناً واحداً ابيضت منه عيناه !
كانت كلّ التفاصيل الأنثوية الباذخة عاجزة عن أن تنسيه إياها !
هو فقط يعجز أن يخبرها أنّ ذلك الغياب كان مبتذلاً أكثر من اللازم ، وأنّه ما كان يجدر به أن يدعها تكبر بعيدة عنه ! لتتغير ملامحها ، لينبت الغيم في صدرها ، لتلتقي أعينهما ولا يعرفها .. ويدرك أنّه كان ميتاً منذ ذلك العمر !

لأنه لما كان الصباح الذي تشابه فيه البياض .. كان يقسم لها بأنه يحتفظ بها في قلبه ، وأنّ عليه أن يرحل لأنّ أمه ماتت ! وعليه الآن أن يكون مستعداً للموت جيداً .. وحيداً ، حزيناً ، وبلا أصدقاء !
أخبرها أنّ البكاء .. هو الدليل الوحيد على إنسانيتنا ، وأننا "نحن البشر" نكتب لأننا عاجزون عن البكاء ، ونبكي لأننا عاجزون عن الكتابة ! ذلك أننا نستلذّ بالدرك الأسفل من الحزن ، ونرصف بكاءنا لـ نصعد إلى السماء ، لنشتمّ رائحة أمهاتنا في الجنّة ، لنكون إلى شكل الإنسان أقرب ، وإلى الموت أقرب ..

كلّ ذلك الرحيل الكلاسيكي ، والفقد الذي يحدث فراغاً ضخماً في قلبها الصغير أفقدها القدرة على الحديث هي أيضاً ، وأدركت بعد عمر آخر .. أنّ عليها أن تجمع طرفي الإنسانية لتشعر به وكأنه كان هنا !
أنّ عليها أن تختنق ، ليبقى متسع من الهواء ليكفي ذلك الغريب ليبقى على "قيد" ..
أنّ عليها أن تموت .. لأنّ الدنيا لم تعد تبتسم لها حين رحل !
ولأنّ الأرض كبيرة لـ درجة أن صباحاً واحداً لا يتسع لها ،
ولأنّ الوجوه البعيدة تخلق فينا غصّة لا يخرجها إلا الذين تكوّنت من أجلهم .. لم يخطر ببالها إلا أن تكتب له رسائل طويلة .. تخبره فيها عن أسماء أصدقائها الذين التقطهم الموت من بين يديها ، عن السواد الذي خلق تحت عينيها ، عن الفجائع ، عن الحزن اللذيذ ، وعنه ، عن أنّها لا تزال مريضة به .. وأنّ ذلك الفرح الوحيد الذي جمعهما ذات يوم ، هو كلّ ما يبقيها الآن على عتبة السماء الأولى .. وأنّ الطريق إليه لا يزال طويلاً !

الثلاثاء، 19 يوليو 2011

الأصدقاء داء ! *



الصبيّة التي تخلّى عنها أصدقاؤها ، التي تحاول أن تحكي أشياء جميلة ، التي تخبئ في جيبها حكاية بيضاء ، وفي صدرها المتعب قلباً أشدّ بياضاً ..
تلك الصبيّة أخبرتني مرة أنّ الأصدقاء داء !
هكذا أخبرتني بجعتي البيضاء ، وأنا التي كنت ممتلئة بأولئك الذين يخبرون الآخرين بأنّي صديقتهم الطيّبة .. لم أكن لأظنّ أنّ الأصدقاء داء بالضرورة !
كنت أرى أصدقائي الذين يصنعون أشياء تبدو جميلة من أجلي ، كنت أسمع صوتهم الفيروزيّ الذي يخبئونه لي مع قطعة السكّر ، كنت ألمس ايديهم .. ولا أشعر إلا بالوجع !
رغم ذلك ، لم أدرك بأنّهم داء حقيقي يؤذينا الشعور الذي يُخلَق فينا من خلالهم أكثر مما يبعَث على الفرح !

الصبيّة النحيلة التي تشبه تشرين في برودته ، في وحدته ، في اصفراره وطيبته ، في غيابه المقلق .. أخبرتني أنّ الأصدقاء لا يفهمون !
هم فقط لا يفهمون ما أشعر به ، رغم أنّي أخبرهم أنّي كنت أبكي ، وأني كنت أشعر بالدوّار ، وأنّي فقدت ذاكرتي ، وأنّي لم أستطع النوم .. أبداً !
لا يفهمون أنّي معلّقة في غيمة ، يأخذني الموت ويعيدني إليهم .. بأطراف باردة وبلا روح !
لا يفهمون أنّ عابراً غريباً سينظر في عينيّ البنيّتين ، وسيخبرني أنّه لا يجدر بي أن أنتظرهم ، ويرحل ..

كلّ أولئك الذين رحلت عنهم ،
كلّ أولئك الذين غادرتهم ،
كلّ أولئك الذين ألقيت بهم في الغياب ،
كلّ أولئك الذين كانوا أصدقائي في حياة أخرى ،
فقط لا تعودوا !
لا تحفروا قبور الذاكرة وتخبروني أنّكم تشتاقون لتفاصيلي ..
الأصدقاء داء يا أصدقائي !

اثر العمر "سـارة" ..



أولئك الذين يحكون للغرباء حديثاً مطولاً عن أصدقائهم ، ويغلفونهم بكلمات لا يشبهها شيء .. أولئك الذين يشعرون في عمرٍ ما بأنّ حديثهم لأصدقائهم انتهى ! وأنه لم يعد هناك شيء آخر يحكونه عنهم .. من أين لهم القدرة على اختزال أصدقائهم في أحرف ؟! واختصار العمر الذي بينهم في "رسائل" ؟!

الآن لما أردت الحديث عنك .. عن قلبك الطيّب الكبير .. غمرني بكاء حلو !
لأنّك لا تختصرين في حديث ، لأنّي أعجزّ عن طيّ العمر معك في حديث يقرؤه غرباء عنا … غرباء لا يدركون كيف كانت الصباح العذب يفرد لك جناحاته ، لا يدركون كيف كنّا ! وكيف كنت صديقة تقدر أن تكون لي أكثر من قلب ، أكثر من روح ، وأكثر من ذاكرة .. لا يدركون شكل ابتسامتك ولا كيف يمكن أن تكوني طيّبة كالملائكة ..
الآن أدركت ، أنّك الوجه الباقي من الأصدقاء .. الذين يسرقون من العمر حديثاً مطولاً ، ولقاءاً برائحة عطر تميّزه حواسّي ، فقط لأنهم كانوا قلقين من حديثي الأخير ، القصير جداً !

الأمر أنّ يدي تؤلمني لـ كثرة ما كتبت رسائل أخبرك فيها أني أخشى أن أعجز عن الحديث ، أن لا أقدر على الكتابة بعد الآن ! وأنّ عليّ أن أعزّي نفسي في يدي بعد كلّ حديث وأستعدّ لأن أقضي العمر الآخر بلا رئة ، بلا قلب ، بلا أطراف دافئة .. وكأنّ ما نحتاجه لأن نكتب هو "عشرة أصابع" !
الأمر أني أخاف أن أسألك : هل تدركين الوجع الحقيقي ؟! هل فشلت في إخفاء إسقاطات القلب عن عينيك ؟!
هل وقعت أنصاف ابتساماتك ، وأنصاف أسئلتك في الفراغ العميق في قلبي ؟!
وأخبرك أني لست يتيمة ! وتبتسمين .. كأنك تخبريني بأنّك ظلّ قلب ، بأنّ يدك الغضّة قريبة ، وأنّك تملكين كلّ ما يلزم لتزيلي الأشياء السيئة من قبلي .. رغم اليتم ورغم الحياة التي آذتني ، رغم الأصدقاء المعطوبين ، ورغم الأصوات التي بحّت دون أن تكمل أغنيتها الحزينة !

وأنا أخاف أن تموت الفتاة الصغيرة التي تحكي حكايتها فيني !
أخاف أنّ أتعلّم الصمت !
أخاف أن أغيب مثل تشرين !
أخاف أن أتآكل من الحزن والوحدة !
أخاف .. لأنّ أطرافي باردة وكلّ الأشياء تذوب ، إلّاي !

الخميس، 14 يوليو 2011

تحشرني الحياة في زوايا ضيقة !




الآن أشعر أن رئتي تلتصق بالجدار ، أو أنّ الجدار ينهار على رئتي .. الجدار الذي لا يزعج غيري .. ولا يراه غيري !
يصدر التنفّس في رئتي أزيزاً مزعجاً مرهقاً يعجن ليلي ليطول أكثر مما يجب .. لأعجز عن الموت ، وأعجز عن الحياة ، وأعجز عن النطق !
أتكوّر على نفسي وأقلب بكائي ذات اليمين وذات الشمال ، وأدعو أن تحدث معجزة قبل أن تشرق الشمس وأستيقظ على ذات الحياة التي آذتني !
في الأيام السيئة مثل هذه .. أشتهيك تعود إلى الحياة ، أشتهي أن أخبرك ما الذي يحدث .. لأنّك وحدك تقول الأشياء التي يجدر بك قولها ، الأشياء التي تجعلني أكثر هدوءاً ، أكثر أماناً ، وأقل حزناً ، لأنّك وحدك تفعل الأشياء الصغيرة التي تذوّب غصّتي في ماء الفجر البارد ..
لكنّك ميت وهم لا يشعرون ! والعصفور في قلبي الصغير ما عاد يغنّي !
صرت كلّ ليلة أحفر رئتي قبراً للعصفور ، أختنق ويضيق بي الهواء ، أرفع رأسي أبحث عن جهة خامسة .. إلى السماء أقرب ، أبحث عن سماء قطنيّة أتعلّق بها وأرحل عن هذه الأرض السيئة ، لألتقيك .. لأخرج الأشياء الحزينة من قلبي وأرميها لتتساقط مطراً على حيّ فقير .. ليضحك الأطفال على الأشياء التي تحزنني ، ليسخروا من بكائي .. لئلا يفهموا ، أنّ ثمة ميّت يلقي عليهم نكاتاً لا تدفع إلي الضحك !

تموت أكثر الأشياء الجميلة التي كانت في قلبي ، أسقط من جوف الكثيرين ، ويسقط آخرون من جوفي ، ولا أزال أخجل أن أخبر أمي أنّي أشتهي هدية في صندوق أصفر كبير .. لتخبرني أنها تحبني كما أنا ، لتخبرني أنّها تصدقني ، وأنّ أصواتهم المقرفة لا تصل آذانها الطيّبة !

هكذا تكون الوحدة يا صديقي ، حين تخلو من الأصدقاء ، من قلب أمّك ، من الحديث والهواء والحياة والصباح !
حين لن يخبرك أحد بأنه لا يجدر بك أن تموت .. حينها فقط تكون وحيداً كيتيم ! لتسخر منك الدنيا ، لتذكرك بما أنت "تماماً" لست عليه ! أنت لست إنساناً يستحق الأشياء الجميلة في نظرها ! أنت نصف …. وتشرق الشمس ولا زلت حيّة !

الاثنين، 11 يوليو 2011

لـ قلبنا ،



لو أنّ تفاصيل الأصدقاء السخيّة كان يمكن أن تختصر ، ستكون انتِ وحدك ..
ولو أنّ الأبجدية كانت رئتي الثالثة لـ سبب ، فذلك لأجل أن أزرع الحديث في قلبك ، الحديث الطويل الذي يخبرك بأنّك طيّبة ، وبأنّك أمـان ، وبأنّ الدنيا لا يمكنها أن تحزنني أو تثير غضبي حين تكون المسافة بين قلبينا لا تتعدى احتضان .. الحديث الذي يمتلئ به قلبي ، وأشعر أنه لا يليق بك ..
ولو أنّ الدعاء يضعنا في طريق واحدة ، لملئت فمي بـ : قلبنا يا الله ! مضغتنا الصغيرة التي صارت شيئاً واحداً بعد كلّ الطرق التي سلكناها معاً حتى تورّمت أقدامنا ، حتى كبرنا ، حتى صرنا نحمل الملامح نفسها ، القلب نفسه ، الحياة نفسها .. وحتى الخوف الصغير نفسه !

الغياب الأطول الذي عبرت فيه أياماً اعتيادية كثيرة دون أن أتناول الشوكولا معك ، دون رائحة قلبك ، دون عينيك ، ودون خاتمك الذي تدورينه في اصبعك وانت تحكين لي عن الدنيا ..
الموت الذي سرقك مني بحماقة في حلم باهت ، استيقظت منه بـ حنين يقضم قلبي ، بنصف روح ، ببكاء مخبأ على صوتك الدافئ الذي يخبرني بأنك ستقصين شعرك "وبأنه سيبدو جميلاً" ..
الوـعد الذي ألقيته علي ، وتحقق بأجمل مما تصورت ، وصوتك الهامس الذي أدرك فيه أنّك تعلمين تماماً ما الذي أريد إخبارك به ..
كلّ ذلك فجّر قلبي على أطراف المـوعد الذي سرقناه من الدنيا ، لأننا أصدقاء عمر ، لأنّ لنا قلباً واحداً ، لأننا يجب أن نتنفّس معاً .. لنعيش !

من بين كلّ أولئك الذين أتحدث عنهم في غياب ، انتِ الوحيدة التي لا يحتاج الحديث عنك لأن يُستحثّ !
انت الوحيدة التي لا أشعر أنّي أحتاج لأن أجمع تفاصيلك اللذيذة ، والأغنيات التي تشبه صوتك ، وفستانك البنفسجي الجميل .. لأحكي للعالم عن صديقتي التي لا يشبهها أحد !
انت الوحيدة التي لا ينتهي الحديث إليها بـ "نقطة" لأنّ ثمة عمر آخر سيجمعنا ..


شكراً لـ يوليو الذي أتى بك ، الذي كان برداً وسلاماً على قلبي ..
لـ صوتك الذي يخبئ بكاء الحنين بابتسامة كبيرة ، وسرّ صغير ..
شكراً لقلبك الطيّب ، الاستثنائي .. لأنّ الأشياء معك لا نهاية لها !

الجمعة، 8 يوليو 2011

.



يوم أنّي رأيت وجهك النيّر قبل "نصف عمر" لم أكن أخشى حينها أن يسرقك مني الموت في حلم .. وأن أستيقظ من نومي بـ اختناق حقيقي ، ببكاء عاجز ، بقلق لم يطفؤه صوتك المبتسم الذي شربته كثيراً اليوم ..

الفراغ الهائل في قلبي ، والوجع الذي لا يمكنني أن أحكيه ! عيناي اللتان تحدقان في كلّ شيء وكأنها تخبر الدنيا أنّ ما حدث لم يكن سوى حلم سيء ، سيء للغاية ! وأني لن أفقدك هكذا .. ببساطة !
لا يمكن لأحد أن يفهم ماذا يعني أن أفقدك ، وأن يكون عمري القادم خالياً منك !
الموت الذي كنت أتندّر عليه ، أحكي عنه كثيراً ، وأجرّب أن يكون صديقي وألا يصيبني في قلبي .. أخذك أنتِ !
من بين كلّ الأشخاص حولي ، الأشخاص الذين لن أشعر بالحزن في قلبي إن غابوا ، الذين لن ينقلب عالمي حين لا يكونون هنا .. التقطك مني ، في الوقت الأطول الذي مضى من عمري وأنت بعيدة عن عيني !
وكأنّي أرى حلمي السيء يخبرني أنّ حياتي الصغيرة التي ظننتها جميلة ، يمكن أن تنهار في أي لحظة ! وأنّ أصدقائي الطيبين يمكن أن يتصعّدوا إلى السماء ، واحداً تلو الآخر ، وعليّ أن أتكئ على قلبي الفارغ عمري المتبقي .. وأن أعيش حياة لا تشبه الحياة التي أعرفها !
كأنّ الأحلام السيئة تخبرني بمدى ضآلتي ، وأنّ موتاً واحداً "مهما كان يعنيني" لن يغير شيئاً على هذا الكوكب !

وجه أمّك المليء بالحزن ، حاجاتك الصغيرة ، قطع الدنيا ، وذاكرتنا ..
ماذا يعني أن تقدم لي أمّك جزءاً منك ؟! أن تتخلى عن حياة ابنتها الباقية وتمدّها لي .. كأنّ جزءاً منك يخصّني وحدي ، كأنها أدركت العطب الذي أحدثه رحيلك المتخيّل في روحي ، كأنّا صرنا بعد هذا العمر . شيئاً واحداً ..

أخبري تلك الأحلام السيئة التي تبكينا ، وتبقي في قلوبنا غصّة كبيرة وعيوناً قلقة تدور في الأرض تبحث عنك .. أنّ الموت إن عبر بيننا .. أني أودّ الرحيل معه قبلك ! وسأفعل ..

الاثنين، 27 يونيو 2011

lonly



أشعر كأنّ وجوه الأصدقاء تهوي من قلبي ليوجعني الفراغ .. كأن رئتي تضيق ، وقلبي يضيق ، وأعطش لقلب آلفه يحضن يدي وينتهي كلّ هذا التعب ..
أشعر كأني في عالم بـارد ، وحيدة !

الصباحات يا صاحبي مليئة بالرؤى التي لا أقصّها حتّى على نفسي !
نفس الحلم السيء الذي يوقظني بـ شهقة : أنّ الحياة تسير في الاتجاه الآخر ، أنّ كل الوجوه رماديّة / متشابهة ، وأنّي أصاب بالعمى قبل أن أراك ، وأنّ قلبي يجفّ .. يجفّ كثيراً ، وأغصّ بالهواء الذي أتنفسه .. ورغم هذا لا أموت !
كل صباح ، بعد أن أستردّ بعض قلبي .. يخطر في بالي أنّي ربّما بت آلف العالم كما هو ، وأنّ الكون قد يكون صالحاً للعيش من دونك ! وأنّ النسيان قد يكون .. للعمر الذي كان متخيلاً بيننا !

المثير للحزن أنّي حين مررت من خلالك "في حياة أخرى" لم أخرج كاملة ! وأنّ شيئاً مني رحل إليك ، جزء من قلبي الصغير تشكّل من خلالك ..
المثير للحزن أنّ ذاكرتي المتعَبة وقعت معك في فخّ النسيان والبعد ، وأنّ قلبي لا زال يحبّك ! لمّا كنت أستحضر روحك كانت ملامحك وصوتك وطباعك اللينة حاضرة في ذاكرتي .. كنت أستطيع التنبو بكلماتك التي ستلقيها علي ، بالعصافير البيضاء الصباحية التي طيّرتها لي ، بالأشياء البنفسجيّة والفيروزية التي سأجدها تحت وسادتي ، بدهشة الأعياد التي تحبس نفسي وتعلّق على شفتيّ ابتسامة عريضة خلقت لك وحدك ، بالدلال المترف الذي يشبهك أنت فقط ..
غير أنّ ذاكرتي الان وقعت في النسيان ، النسيان المكره لا شكّ .. وأنّ الموت أخذ مني أكثر مما كنت أظنّ ، الآن أنا فاقدة لذاكرتي ، للجزء من قلبي الذي تشكّل من خلالك ، للروح التي كانت تتكئ عليك .. وحين أسير في طريق مليء بالوجوه ، أشعر بأنّهم يرون الفراغ فيني .. ويدركون أنّي فقدت صديقاً ، وخسرت روحي معه !
المثير للحزن أنّ كل الأصوات العزيزة على القلب تشبهك ، وكلّ الأعين البنيّة تبدو كعينيك ، وأنّ كل الحزانى يستحقون إما الموت وإما السعادة ..
وأنّ كلّ أصدقائي يعتصرون روحي لتخرج أحلامي السيئة .. ليكون في العمر متّسع لنلتقي ، لأخبرك عن حلمي السيء الذي تكرّر كثيراً ، الذي قصصته على الدنيا ألف مرة ! حلمي الذي كانت الحياة فيه تسير في الاتجاه الآخر ، الذي كانت كل الوجوه فيه رماديّة / متشابهة ، وكنت أصاب بالعمى قبل أن أراك ، وكان قلبي يجفّ .. يجفّ كثيراً ، وأغصّ بالهواء الذي أتنفسه .. ورغم هذا لا أموت !

الجمعة، 24 يونيو 2011

حديث نفـس ..



الشفاء من الكتابة "حين يتخلّى عنك الحزن" هو حـزن آخر مـترف لا يعيه سواك !
كأنّي في كلّ مرة أسعى فيها للحياة من خلال "حديث نفس" أضمّك إلى قلبي وأغمسك فيه ، لأنّك الأقرب .. لتلتقط يداك أي حزن عظيم ، أو عابر ، أو حتى زائف .. وتخوّل عليه حتميّة التعايش معه والحديث عنه لـ غرباء !
وأعلّق عليك اختناقي ، ونفَسي المنقطع الذي لن يرتدّ إلا من خلال الكتابة ..
وحتّى حين تقلق عليّ كثيراً لأن شفاهي غدت بلون التوت ، ويتجمّع الأوكسجين المرتبك في رئتيك ، وتنفخه في روحي .. ستدرك أنّه صار غير قابل للتنفّس والحزن الإنسانيّ !
وأنّ الكلمات قد تفشل أحياناً في أن تخلق فينا فرحاً يزور صديقاً في حلمه ليخبره بأنّا نهتمّ لأمره .. وبأننا نشعر بالوحدة من دونه !
ستدرك أنّ الحياة تغادرك دفعة واحدة ، ما إن ينعقد لسانك عن الحديث عن وجعك جهراً ، ما إن ينسكب ماؤك أمام أعين غريبة ، لا ترى فيك إلا الترف ..
كأنّك تصيّر الكتابة رئة ثالثة تمتدّ إلى قلبك ، وروحك ، وأطراف يديك الباردة .. بعد أن كانت ثقباً صغيراً تزفر منه البكاء الذي لن يفهمه أحد ..

كان عليّ أن أحبس نفسي طويلاً حتى تزرقّ شفاهي ، ثمّ أن آخذ شهيقاً يجمع الصباح كلّه في قلبي .. لأدرك أنّي كبرت كثيراً منذ رحيلك ، وأنّي لا أقدر أن أبرّر وحدتي ! لأدرك أنّي تورطت جداً في الكتابة .. لدرجة أنّي لما تحسست قلبي ، وجدت فيه عطباً لن يشفى !
وأنّ عليّ الآن أن أعتاد على الاختناق من دون أن أشعر حقاً بالحزن ، على أن أعيش برئة معطوبة ! أو أن أجلس بجانبك عمراً بأكمله ، وأخبرك أن تغمس يدك في قلبي "ما إن ترى لون التوت أو يضيع صوت تنفّسي في هذه الدنيا" لتخرج يدك بيضاء من غير سوء .. ولأقترف نفساً من نوع آخر !

صباح الموت أيتها الحياة ،



- أنتِ طيّبة ، طيّبة لدرجة لا تليق بهذا العالم السيء !
- لكن العالم ليس سيئاً إلى هذا الحدّ !

أن أكون وطـنك ، ذلك يعني أن أقايض حزنك بكلّ ما أملك .. وأن أتخلّى عن الأشياء الأثيرة لدي لألمح ابتسامة صغيرة على فمك ..
ذلك يعني أن أقلق كثيراً حين أشعر أنك لست بخير ، أن أبكي لحديثك الأزرق الحزين ، أن أحبّك ..
ذلك يعني أنّ علي أن أحيط قلبك الصغير بيديّ لئلا يؤذيه الكون ، أن أنفخ بين جناحاتك ، أن أصنع لك بحيرة بجع صغيرة صافية .. في عالم آخر لا يتركنا فيه من نحبّ !

اليوم سقطت منّي ذاكرتي يا روح !
وأسوأ ما قد يحدث حين أفقد ذاكرتي ، أن أخسر مهاودتي الغامضة مع الموت .. مهاودتي التي تخيف أصدقائي القلقين ، التي ترعب أمي ، التي لا يفهمها أحد !
أن أنسى شكل عينيك ، وطعم ابتسامتك ، وسكّر الصباحات معك ..
أسوأ ما قد أدركه ، أنّي فقدت اليقين فيك ! وأنّي سأنظر إلى عينيك يوماً ولن أرى سوى الفراغ والوحشة ، وسأعجز عن رؤية الروح التي كنت أتكوّر داخلها ..


* صباح الموت أيتها الحياة !

السبت، 18 يونيو 2011



بما أنّ الأمر منوط بك الآن ..
أنا حزينة حتى تخبريني بأنّي لست كذلك !

هل تدركين كم من العمر نحتاج لأصدّق منك وعداً آخر ؟!
وكيف أنّي لا أملك هذا العمر معكِ انتِ بالذات !
هل يعنيك حقاً الانكسار الصغير الذي حدث في قلبي ؟! أنه تضائل وصار يؤلمني ؟!
ماذا لوأخبرتك أنّي كنت موجوعة ؟! وأنّي كنت أبكي هذا الصباح دون أن تكوني قريبة منّي ..
لا أعلم إن كان يخيفك الوجـع البعيد عنك كما يفعل القريب أم لا !


لا أشعر أنّي بخير !
فقط إياك أن تلقي عليّ وعداً آخر ..