الجمعة، 22 يوليو 2011

يا قلب أني غصـن لا حياة له ! *



أنا كائن من طـين ، إلا أنّ كلّ الكائنات المخلوقة من الطين مثلي لم تعد تراني !

العالم الذي أعرفه ينهار ! والأشياء تتسرب إليّ من طفولتي ،
من بشرتي السمراء ، وشعري الطويل المجعّد ، وأسناني الصغيرة ..
من أحلامي الغريبة ، والوجوه التي آلفها وأبتسم لها دون أن أعرف أسماء أصحابها !
من رائحة الطين الذي أجمعه في يدي وأدسّه قريباً من أنفي .. وأشتمّ رائحة الإنسان في صورته الأولى ، حين يكون أقرب إلى نفسه ..

الحكايا التي صارت أصدقائي ، القصائد البيروتيّة التي كنت أقرأها تحت سريري ، حديث الشعراء الذي أسرقه من الليل .. وأفتح عيني جيداً ليتسرّب الجمال فيه لقلبي .. كان حزناً ذات ليلة !
كان ذلك الحزن الرقيق تمتدّ له ألف يد ، ويفتح له ألف قلب .. وكانت النقطة الأخيرة في ذلك الحديث العذب دمعة رضى ..
لكن ذلك الشاعر مات من حزنه بعد ألف عام طويلة ، وأدرك بعد ألف خيبة أنّ الطين قد يجفّ أو ينكسر ، وأنّ كلّ تلك الأجساد التي كانت تصطدم به في الزحام لم يكن من بينها قلب نابض ليّن !
ذلك الشاعر لم يعد من الموت ليخبر أحداً أنّ البشر سيئون ! وأنّ الموت أجمل لأولئك الذين يشعرون بالوحدة ، للذين يشعرون بأنّهم يتنفسون جيداً حين يلقون بأنفسهم بعيداً عن حياة ، للذين يشعرون بالحنين لأصدقائهم ..


كنتُ أراك في أحلامي .. حين أمضي يوماً بلون الرماد ، ويتكسّر في صدري ألف قلب من الطين دون أن يلين أحدها .. حين أغفو وأنا أشهق من البكاء ، أو حين أعجز عن النوم لأنّ الحياة لم تعد مكاناً يشعرني بالأمان !
كنت تمرّر أصابعك الرطبة على خطوط يدي ، كان الطين / الإنسان فيني يتنفّس ..
كنت تنفخ في قلبي أصوات تشبه أصوات أصدقائي ليكون الحنين برداً وسلاماً ..
كنت تضع يدك على مضغة الطين في صدري ليذهب عني الحزن ..
ولما كنت أسألك عن اسمك .. كنت تخبرني بأنك باقي الجسد الذي يتداعى لي بالسهر ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق