الثلاثاء، 7 يوليو 2009

حنّيت !


أولئك الراحلون بأرواحهم إلى سماوات أخرى .. بدا بعدهم من القداسة بمكان لم نعد نجرؤ فيه على أن نكون قريبين منهم بشكل من الأشكال ! للسماوات حرمتها يا صديقة ، وأنا التي صرت أحدق في السماء طويلاً مؤخراً ، ويوجعني حقيقة أني لا أعرف حتى في أي واحدة من السبع أنت !

كيف نقتسم التفاصيل الأرضية مع من هم في السماء ؟! هل من الغباء أن أقضي الليل بطوله أبوح لك ؟! أو هل من السذاجة أن أنسى كيفية الفرح "ولو مؤقتاً" حنيناً لك ؟!

.. منهك هو الاشتياق للموتى ، إذ ليس ثمة طريقة لأن نحتضنهم ، أو نصل إليهم ، أو نسمعهم نحيبنا ، أو يروا آثار بكائهم في أعيننا .... يظل رثاء الأموات بارداً كأجسادهم ! موجعاً لدرجة أنك مهما بلغت من الحزن أقصاه ... لن تصل روحك حتى لأطراف السماء الأولى .. حيث هم "فوقك" بكثير !
يقتلك الحزن على الموتى .. ولكن دون أن يأخذك إليهم !
حين تبكي الأموات .. عليك أن تعتاد البكاء "المريض" الذي يجب ألا يلحظه أحد ، ولا يمسك أطرافه أحد ، ولا يدوسه أحد !

.. أخبرتك مراراً : لا تزرعيني في جنتك ! .. لست سوى مضغة من "حــــزن" ، ولا أصلح إلا له .. الفـرح لا يناسبني ! .... ولم تصدقي بأن أحداً لا يليق به الفرح !
.. وكانت هداياك ، قطعاً من نور ! وصارت كل الصباحات تحتفي بك ، ومن حيث لا أعلم .. بلغت من القلب مكاناً قصياً !

... ثم صــرت لا أملك للصباحات ذاكرة !

كل تلك القطع اللذيذة التي أهديتني إياها ، بدا بعد ذلك أنها تحاول كثيراً أن تدفعني للحياة .. وكأنها كانت حريصة على أن أعيش بخير "بعدك" !!
.. أجمل ما في الأمر : أنك رحلت وأنت متأكدة بأنه لن يجرؤ أحد على أن يخدش يقيني بك .. ذلك اليقـين الذي فقد ( كل شيء ) بعدك ! وصار يوبخني على النبض ، وعلى الفرح ، وعلى الحب ، وحتى على التلذذ بصباح مخملي رائق !صار اليقين يوجعني أكثر من أي شيء .. ويؤذيني أكثر من أي شيء .. هنا فقط : حين يكون الصدق هو كل ما نملك ، وأقسى ما نملك !




خارج النص /
.. هل صحيح بأن الموتى لا يشغلون أكثر من سنة في حياة الناس ؟!!
) :
حنّيت !

.. مساؤهـم ليلك ،




ويحمل الحنين لهم أكثر مما يحتمل الغيم .. فلا تعود السماوات تفعل شيئاً سوى البكاء ربّما ، البكاء عليهم لأن قلوبهم ليست بخير ، وقلوبنا كذلك ..... ولكن لا يجدي المطر شيئاً سوى تخديرنا بكميات فرح هائلة لم نعتد عليها ولم نألفها،!

.. ونختبئ تحت السماء / نختبئ بــ إنسانية "هشـــة" ، نختبئ خلف كل شيء ..!
خلف ملامحنا ، وكلماتنا ، وخلف التفاصيل التي تغرقنا بنبض غاية في اللذة .. نبض سرعان ما ندرك ألا جدوى له بعد رحيل أصحابهـ ،!

.. ويرهقنا جداً أن نخبئ ألامنا / أمنياتنا عن الآخرين !
فرق بين الأمنيات التي نعلقها على أبواب السماء لمجرّد أنها ( أمنيات ) .. وبين تلك التي تتحول من كونها "أمنية" إلى أمر أشبه بتعويذة قلب ، وروح ..
أمنياتنا التي نلصقها بالمرآة لتقع أعيننا عليها كل صباح ، ويرضينا ذلك أكثر من أي شيء آخر قد نراه في مرايانا .. حيث كانوا "ذات يوم" أصدق من المرايا !
أمنياتنا التي ( نتنفسها ) حين تغدو مساحات القلب ، وحاجات الشفاء أكبر منا .. حيث نحن عالقون في وحدة لا يراها سوانا ، ولا توجع سوانا ..
أمنياتنا التي يخنقنا البكاء حين نتوق لأن نسمع نبرتهم ، هناك ألف نبرة متشابهة جداً ، كل ما في الأمر أننا لا نرتعش إلا لسماع واحــدة فقط .. بكل عـثراتها ومحاولاتها إيجـاد كومة كلمات تلـيق .. وتخرج بعد عثرات لذيذة ، وفي كل مرة .. تخرج متشابهة في النهاية !

.. تلك الأمنيات هي الأجدر بالسعي خلفها ،!
كومة الأمنيات الأخرى التي نلقيها على عتبات السماء ثم ننساها / لا نلقي لها بالاً .. تلك التي قد ندوسها دون أن ندري ، ودون أن ترتبك أشيائنا لسقوطها تحت أقدامنا .. ليست أمنيات بقدر ما هي قطع مشوهة / كاذبة .. أشباه أمنيات نختبئ خلفها كمحاولة يائسة لأن نريهم أن هذا ما ينقصنا ، بينما يكمن الوجع في مساحات أمنيات مختلفة تماماً ..

.. كل من نبضت لأجلهم / رحلوا ،! ربما في المرات القادمة علي أن أكون أكثر حرصاً على إيصال أمنياتي العزيزة إلى أبواب السماء .. وحتى هذا الصباح ، تظل ( روحـــــك ) الأمنية الأجدر بالسعي خلفها ...

.. كلّ الأشياء تبدو مخيفة بدونك ،!




تبدين بعيدة جداً لأعانق روحك ،!

.. وأموت ألف مرة يا صديقة ،!
يقتلني الحنين .. ويقتلني أنك قريبة ، وأنني أتمنى "كثيراً" أن أبكيك بين أياديك ... ولا أقدر ,! تبدو روحك { أفخم } من البكاء بمراحل ..
يقتلني أنك راحلة لا محالة .. وأن أشيائنا اللذيذة ستموت وتتساقط لحظة نخطو خطواتنا باتجاه مختلف ، وبأن كل الصباحات المقبلة ستكون خالية تماماً منك ،!
يقتلني بأني لم أعد أعرف كيف أحبّ أحداً آخر ، ولا أستكين لقلب آخر .. ولا أتلذذ بتفاصيل روح أخرى ... وتقتلني وعودك الباهتة بالبقاء وطمأنتك لقلبي الذي تعب الارتجاف ،!
يقتلني ضعفي المذل وأنا أقف تحت ظل اللقاء وأتكئ عليه ، أجمع تفاصيلك وأشيائك ( الأخيرة ) بحرص شديد / مجنون ... وتتساقط ذاكرتي من بين يديّ ،! لن أظل قادرة على حمل تفاصيلك طوال العمر ، ولن أستطيع العيش دونها أيضاً ..

.. أجمل ما في الموت أننا لا نعلم متى يأتي ،!
الحزن المرّ الذي يتبع فقدان أرواح تشكل مساحة هائلة من قلوبنا .. يغدو أمراً محتماً أكثر منه ترفاً عاطفياً ، والانكسار والفاجعة على الأرواح الراحلة .. يبدو مبرراً حين يغتالنا الموت فجأة ،! لكنه يبدو حماقة كبرى حين نعلم مواقيت الرحيل .. ونظل نبكيهم خوفاً ، وقلقاً ، وغربة تنهكنا رغم أنهم لا يزالون قريبين / قريبين !!

موجع أننا ندرك بأن أرواحنا المرهقة من وطأة الغياب ستتكئ على ( غيرهم ) ذات يوم ،! ستتكئ باستكانة مخجلة ، بضعف مذل ،! ستتكئ رغم أن "غيرهم" أقل دفئاً ، وروعة ، ولذة ،!
.. ليس الأمر أنني لن أقدر على النبض بعدك ؛ القلوب البشرية تحمل من "الأنا" كماً هائلاً لدرجة أنها لا تتوقف بعد رحيل أحدهم ،! كل ما في الأمر أنني لا أريد أن أنبض لــ غيرك .. ليس بعد أن أوقعتني أقداري في جنتك على أية حال ..

مرّ أن نجرّع أنفسنا الغياب كمحاولة للاعتياد عليه حين يكون "نمط حياة" أكثر منه غياباً مؤقتاً .. وذلّ أن ندوس على قلوبنا ونقنع أنفسنا بأن الحياة لن تتوقف عند رحيل "أحدهم" .. حتى لو كان قلباً بدا قربه ( قطعة من جنة ) .. وحتى لو بدت التفاصيل بقربه ألذ ما يكون .. وحتى لو كانت أرواحهم تشكل مساحة هائلة من القلب والروح والذاكرة .. هائلة لدرجة يصعب علينا العيش دونها ، أقله العيش كما كنا ،!
.. بعض القلوب حين تطأ أرضها ، تكون العودة كما كنت ضرباً من المستحيل ،!
قلوب طيعة علمتني أن لحظة صداقة تساوي الدنيا بملذاتها .. وأن القلب الذي لا ينبض إلا ليعيش لا يستحق هذه الحياة أصلاً ،!
قلوب علمتني بأن للحب أكثر من وجه ، وأكثر من لغة ، وأن هناك أكثر من طريقة نغلف بها نبضنا الصادق لأحدهم ..
قلوب علمتني كيف يمكن أن يقدم لك أحدهم يوماً رائقاً ، فقط لأنه أيقظك .. وصباحاً غاية في اللذة .. لأن عيناه كانتا ( أجمل ) ذلك الصباح ... رغم أن عيناه دائماً "أجمل" ..
قلوب علمتني أن { الوطن } انتماء / انغماس في أرواح غاية في الدفء ..
قلوب علمتني أن الصمت أكثر جمالاً ، وأصدق ..

.. كلّ الأشياء تغدو مخيفة بدونك ،!

والقلوب لهـآ { ذنوب } ..




أيها الـ رحيل ...
صوب باتجاه القلب مباشرة ولا تحاول الاقتراب ، فالجروح النازفة تكرهـ اللمس يا صديق !
فقط قف بعيدا وابك إن شئت على كل الأشياء التي أدركنا للتو بأنها انكسرت فينا ..

( ذل ) أن نقع وأرواحنا تحت وطأة ذكرى وحلم ، ونقف حقيقة على حافة الجنون .. فقط لأن علبة زجاجية "انكسرت" !
ترى .. ما الذي يمكن أن تحمله لنا قارورة عطر ؟!
ذكرى ، شعور ، حياة ، خيبة ؟!
هل كنت لأفكر يوما بأن "فرحا" لن يعانقني إلا من خلال زجاجة ؟!
بدونك ... كل الأشياء فقدت دهشتها إلا تلك الزجاجة المستطيلة التي يمتلئ نصفها بسائل ذهبي ثمين .. سائل يزفك إلي كل صباح ، صورة وخيالات لذيذة .. تأتين بكل تفاصيلك محملة بدهشة الأشياء الجميلة .. تطلين على روحي بدفء يحرضني على العيش بعدك ...
من كان يصدق بأني أنا الذي لم تكن ساعات اليوم لتملأ شغفـي الطفولي بأمومتك .. صـرت أكتفي برشة واحدة من عطرك !
هل كنت لأتصور يوما بأن كل ما سيتبقى لي من أمي هو رائحة احتضانها ؟!
الرائحة فقط ! من دون الدفء ، ومن دون أصابعك الممتلئة تحيط بي وتمسح على شعري ، ومن دون ارتمائي في أحضانك بجنون يروقك أحيانا فقط ..

كل صباح أقف أمام المرآة .. أتأمل الشبه الصارخ بين أعيننا .. أمسك بالزجاجة بأصابع باردة .. أغمض عيني بهدوء وأنثر رشة في الهواء .. أحاول جاهدا ألا تضيع مني الرائحة .. تتابع الصور في الذاكرة بحنين مرهق .. يزداد النبض احتياجا .. ويبكيك القلب يا أماه !

كل صباح كنت أرضي الطفل في داخلي وأخرج قلبي للحياة مشيعا بدعائك .. لم أكن لأتصور بأن فرحي سيزول يوما ما بصورة مفجعة .. لا أعلم كيف تعثرت بطرف السرير وسقطت الزجاجة من بين أصابعي فجأة !
كل ما رأيته حين فتحت عيني لقوة الرائحة .. زجاج محطم وأصابع نازفة ، وأرضية امتلأت بك .. ربما هذا اليوم فقط !
ألصقت رأسي بجنون على الأرضية الباردة ... وبكيت !
لأول مرة أعري أحزاني وأبكي بهذه المرارة منذ رحلت !
بكيت يتمي يا أماه .. بكيت ضعفي المذل .. وصمتي المرهق .. دفاتري الباردة .. وقلبي الموجوع !
علمني رحيلك ألا أسرف في استخدام الفرح ..
علمني ألا أبعثر ذاكرتي في الأصوات والصور والخيالات ، وأختزل كل شيء في سحر تلك الرائحة ..
علمني بأن الذين تغيبهم الحياة .. هم نفسهم الذين يجرون خطواتهم ببطء شديد بعيدا عن حياتنا .. وسيأتي يوم ننظر في أعينهم فلا نرى سوى الفراغ !
علمني رحيلك بأن القلوب لها ذنوب يا أمي !

سمآويّ ..

دوماً كان يبدو مختلفاً عنهم ..
مختلفاً كثيراً !!

لــدرجة تجعله يفكر أغلب الخيبات .. بأنه ربما كان ينتمي لعالم آخر .. وأناس آخرين ..

وكان ينتظر فقط أن يقولوها له صريحة : لست منا !!

.. أن تشعر بأن كل أصابع التهكم تشير إليك بسخرية مريرة .. وتصم آذانك ضحكاتهم الهازئة .. شعور يحرقك .. ويدفعك لنهاية واحدة .. "الفناء" ..

هذا الاحتراق .. قد يكون عاصفاً .. وبلا معنى .. فلا يورث سوى الدخان الخانق !!
وقد يكون هادئاً .. بطيئاً .. يورث لنا ضوءاً دافئاً .. كـ شمعة ..

صاحبنا قرر الصعود إلى السماء بروحه وقلبه .. وتركهم .. بكل وحشيتهم .. يعيثون في الأرض فساداً ..

كان سماوياً كثيراً !!

كان يعلق آماله بربه .. ويصعد إلى أمنياته خطوة خطوة .. ببطء من يخاف السقوط ..
لطالما كان يكره السقوط !!
ويمقت الهاوية .. وكل ما هو "أسفل" ..

حين تتحين الفرص له دفعةً واحدة .. كان يعرض عن بعضها .. ويقنع نفسه بعدم جدوى البعض .. يسكنه خــوف من فقدان الأشياء الجميلة .. كان متورطاً بالأشياء الجميلة فقط ..

خوفه من أن تهوي به الأحلام في واد سحيق .. كلفه كثيراً من الحذر .. كان ينفقه كل يوم بإسراف ..

صاحبنا كان يشعر بأنه جمرة مشتعلة .. يحفها الرماد من جميع الجهات ..
هذا الرماد يخنقه / يضايقه / يثقل كاهله ..
وكان عليه أن يوقد همته بقوة أكبر ليبعد عن اشتعاله رمادهم الخانق .. أو أن يستسلم لرمادهم .. وينطفئ نوره بين ركامهم !!
كان يشعر بأن عليه أن يجاهد كثيراً ليبقى في وجه سياط كلماتهم اللاذعة ..

كل الأبواب التي يدفعونه إليها .. لم يكن يوجد خلفها سوى النهايات ..
إلا أنه كان يتظاهر بضياع المفاتيح التي يمدونها له .. ويرهقه البحث عن مفتاح واحد يعرفه جيداً .. لباب واحد لا يزال يبحث عنه .. لا يعلم أصلاً إن كان موجودا فقط في أحلامه أم له مكان في واقعه الصغير ..

ذات فجر ..
ذرف صاحبنا دمعة كانت غشاوتها تحجب عنه الرؤية الصادقة ..

وجد مفتاحه ..
وجد أبواب جنته كلها مفتوحة ..
وجد أحبابه كلهم حوله ..
وجد الحياة أعذب من أن نتوحد بأسى بعيداً عنها ..

ليس من حقك أن تحزني !





كان المكان يتسع فقط لخيبة واحدة : خيبتي ..
لذا ، ليس من حقك أن تحزني !

كان قدومك كمعجزة لم يؤمن بها سواي ..
كألذ ما تكون الفوضى : كنت أنت ..
وكأشد ما يكون العاشق ارتباكاً : كنت أنا !
همست لي ذات "فتنة" : يغريني انكسارك !
.. أخبرتك يومها أن تلك الأشياء الــــ "تكسرني" كانت من ذلك النوع الذي يتراكم دون أن ينفجر ، ذلك الحزن الذي يعطيك مرارته جرعات .. ويصعب عليك معرفة أي لحظة غيرتك / آذتك حقيقة !
ويستحيل عليك الموت .. بينما تموتين ألف مرة !

كنت امرأة يغريها الحزن .. وكنت رجلاً حزيناً حدّ الـــ "سخرية" !
كنت أنثى ترتدي أقراطاً مذهلة وتتقن الصمت .. وكنت رجلاً لا يزال يجلس على أرجوحة ( ربما ) .. فكيف للغة أن تسعنا معاً ؟!

كان يكفي أن ألبس قميصاً أسود لتقعي في دهشتك اللذيذة ، فأبتسم ، فتلمع عيناك .. وأدوووخ !

إيآك أن تفعليهـا !!





.. هــــذه الــمرة : لــــك ..
وحدك كنت قادرة على خلق الفرق !

كل الانكسارات التي في روحي بدأت بالشفاء .. إياك أن تفعليها بي !
يبدو أن كل الوعود التي قطعتها على نفسي بأن لا أعلق قلبي على باب أحدهم ، لم تعد ذات جدوى .. حين نبض القلب بقوة أجبرتني على أن أنسف كل خيباتي السابقة خلفي ..
ولا أعلم متى بالضبط عثرتُ عليّ ( أحــــــبك ) .. أحبك بعمق من لم يذق الخذلان يوماً ، بـ "يقين" من لم يطعن في ظهره ذات ( احتضان ) ..!!

الآن فقط أصبح للتفاصيل معانٍ أخــــرى / غاية في اللــــذة ..
غدت الصباحات ملونة كــــ قطعة من جنة .. والقهوة عشق رغم مرارتها ، نــــــذوب فيها .. وصوتك هدية فرح أتلقاها كل مرة بدهشة طفل .. ويداك متكأ .. متكأ أستلذ باللجوء إليه .. وعيناك استفزاز مربك يغريني بأن أفتح له أبواب القلب !

بعد كل هذا .... أرجوك لا ترحلي !
أنا لا أفهم رحيلك ، ولا أتحمله !

كيف نعري جراحنا لمن يعنيهم أمرنا دون أن نبكي كثيراً ، ونغص كثيراً ، ويصيبنا الأرق كثيراً ؟!
ودون أن نبدو تائهين نبحث عن مفردات لا تطأ الجرح ، ولا تبتعد عنه !

حزينة أنا ، إلا أن ثمة حـــــزن لا يقال يا صديقة ..
ذلك الحزن الذي يقف بين ما يخيفنا / ما نشعر به ، وبين ما نلمسه ونراه حقيقة ..
بين خوفنا من رحـــيلكم ، وتلذذنا بقربكم ..

هل سترحلون لــــ مجرّد أنه لم يرقكم البقاء ؟!
حتى لو أسفر رحيلكم عن موت قلب ، واحتراق كثير من الدمع ؟!

حزآنــى ،،

وها هو الحزن يسرق من أحبتي أكثر مما يحتاجه حقيقة .. أولئك الذين يربط قلوبنا حبل متين بهم ،، أضحوا "حزانى" بكل ثقل الكلمة !!

يوجعني التعب الذي ألمحه جاثماً في أعينهم ،، ويوجعني أكثر ( يقيني ) بأن الحياة ألقت بي بعيداً عنهم .. لدرجة أن صباحاتي بدأت تتخلى عن "ضرورة" التواجد في [ جنتهم ] وصارت تلقي بنفسها في أحضان أشخاص آخرين ،، ليسوا بالضرورة دافئين جداً .. إلا أنهم "وبطريقة ما" استطاعوا أن يحتلوا مساحة لا بأس بها من القلب والذاكرة .. وذاب ذاك الجليد المؤلم ، تماماً حيث وضعوا أيديهم "أو ربما أقدامهم" !!

الآن فقط أدركت أن مساحة ( الوحدة ) في روحي شاسعة جداً .. وأن من الصعب ترميم ما قد انكسر فينا يا صديقة !!

../ بـــ حجم خيباتي : أحبك ..
) :

يـتم !


هل من الغباء أن نظل ( نحـب ) من لا يكترث لأمرنا في النهاية ؟!
أو .. هل يستحق الراحلـون بمحض إرادتهم أن نعلـق قلوبـنا بهم ؟!
هل تطغى مساحات الغفـران على مـرارة الوجـع الذي يسببه الغـياب ؟!

يوجــعني رحيلـه ..
ويوجعـني أكـثر أنه لا شيء عنه يلتصق بذاكرتي البائسـة ، لا شيء !
بدا رحـيله نـبع حـزن لا ينضـب ، حـزنا أكـبر من أن ينبضـه قلـب لم يكن ذاق من الحزن أكثره .. كـ شيء لم أستطع إحاطته بيدي .. لم أقو على ابتلاعـه ، لم أقـدر على نزفـه .. وعجـزت عن نسـيانه حتـما !

.. كيف هو وجه أبـي يا ترى ؟!
( ذل ) أن أجهـد قلـبي وأحاول استحضار ملامـح روحـه ، بينما كان بإمكانه أن يجلس في الصالة ويشاهد التلفاز ، كان بإمكانه أن يكون قريـبا لدرجة يصلني معها صوت مذيع الأخبار ... لكنه ( رحــل ) !! بكل أحـرف الرحـيل الثقيلة ، ابتعد مسافة كافية أعجـز فيها عن قول : أبي .. وأشـتاق كلمة : "يا ابنتي" .. أشتاقها حـد الـ بكـاء !

لـم يعد يجـدي الـ ح ـب شيئا يا أبتاه !! بعد أن وقفت في زوايـا الحياة المظلمة وحــدي ، بعد أن احتجـت كتفا أستند عليه ولم أجد منك سوى "اسم" يلحق بي في كل أوراقي الرسمية .. لـم يعد يجـدي الحب شيئا .. بعد أن تنفست الـ يـتم حتى تأذيـت كثيرا .. كثيرا جــدا ..

.. ارحــل إن شئت ،، فقد يكون الرحــيل أشـفى لأرواحـنا !

الاثنين، 6 يوليو 2009

قد تموت فينا أوطآن !


- لا تقف بضعف أمام شباك العمر وترثي أشيائك المفقودة ، وتتطاول بأحلامك لأبعد من حدود الحقيقة ..
- ليس هناك حدودٌ للحقيقة !
- لا تحاول أيضا إخفاء ارتباكك ، كل أصابع الاتهام في قلبي تشير إليك : أنت تخفي أمراً ما !
- ماذا يمكن أن أخفي ؟!
- اممم / فيم تحدق ؟!
- الغروب ..
- جواب كلاسيكي .. ماذا يحصل ساعة تغرب الشمس ؟! تفقد السماء قوتها / نورها فجأة ، ثم يهيمن الظلام على كل شيء ببساطة .. نفس المشهد .. من الغباء أن نبكي على شمس ترحل كل ليلة ! وتعود غداً كأن شيئاً لم يكن .. هي لا تعبأ بفجيعتك اليومية !
- بين غروب وآخر ، قد تموت فينا أوطان !
- وتحيا أخرى ..
- الأوطان لا تولد من جديد ..
- ليس نفسها بالضرورة ..

الأحد، 5 يوليو 2009

يا بدآيــآت المحبة ،

سماها وطناً واغترب عنهـا ،
علمها كيف تكتب .. ورحل قبل أن يقرأ ديوانها الأول ،

رحــل بنهاية كلاسيكية .. كلاسيكية جداً لدرجة لم تكتشف معهـا حتى اللحظة ما إذا كان صرحاً من خيال فـ هوى ، أو ما إذا كان رجلاً حقيقياً بـ ملامح ونبرة صوت وطباع !


{ الكتابة كما الحبً } ..
الخط الفاصل بين الحقيقة والوهـم فيهما رقـيق جداً / مضلل جداً !
كلاهما يغيبك عـن الأشياء المحيطة بك ، يسرقك منها .. وعلى الرغم من ذلك يحملان في كلّ مرة دهشة الأشياء الأولى كأن لم تكـن من قبل !


، في قلـب ما .. بين نبضـة وأخرى : "أبعـآد أنثى" تكتب رجلاً لا تعلـم إن كان حقيقياً أم مجرّد ظلال !
تكتـب رجـــلاً اسمهـ { الـ ح ـبّ } !