الثلاثاء، 7 يوليو 2009

والقلوب لهـآ { ذنوب } ..




أيها الـ رحيل ...
صوب باتجاه القلب مباشرة ولا تحاول الاقتراب ، فالجروح النازفة تكرهـ اللمس يا صديق !
فقط قف بعيدا وابك إن شئت على كل الأشياء التي أدركنا للتو بأنها انكسرت فينا ..

( ذل ) أن نقع وأرواحنا تحت وطأة ذكرى وحلم ، ونقف حقيقة على حافة الجنون .. فقط لأن علبة زجاجية "انكسرت" !
ترى .. ما الذي يمكن أن تحمله لنا قارورة عطر ؟!
ذكرى ، شعور ، حياة ، خيبة ؟!
هل كنت لأفكر يوما بأن "فرحا" لن يعانقني إلا من خلال زجاجة ؟!
بدونك ... كل الأشياء فقدت دهشتها إلا تلك الزجاجة المستطيلة التي يمتلئ نصفها بسائل ذهبي ثمين .. سائل يزفك إلي كل صباح ، صورة وخيالات لذيذة .. تأتين بكل تفاصيلك محملة بدهشة الأشياء الجميلة .. تطلين على روحي بدفء يحرضني على العيش بعدك ...
من كان يصدق بأني أنا الذي لم تكن ساعات اليوم لتملأ شغفـي الطفولي بأمومتك .. صـرت أكتفي برشة واحدة من عطرك !
هل كنت لأتصور يوما بأن كل ما سيتبقى لي من أمي هو رائحة احتضانها ؟!
الرائحة فقط ! من دون الدفء ، ومن دون أصابعك الممتلئة تحيط بي وتمسح على شعري ، ومن دون ارتمائي في أحضانك بجنون يروقك أحيانا فقط ..

كل صباح أقف أمام المرآة .. أتأمل الشبه الصارخ بين أعيننا .. أمسك بالزجاجة بأصابع باردة .. أغمض عيني بهدوء وأنثر رشة في الهواء .. أحاول جاهدا ألا تضيع مني الرائحة .. تتابع الصور في الذاكرة بحنين مرهق .. يزداد النبض احتياجا .. ويبكيك القلب يا أماه !

كل صباح كنت أرضي الطفل في داخلي وأخرج قلبي للحياة مشيعا بدعائك .. لم أكن لأتصور بأن فرحي سيزول يوما ما بصورة مفجعة .. لا أعلم كيف تعثرت بطرف السرير وسقطت الزجاجة من بين أصابعي فجأة !
كل ما رأيته حين فتحت عيني لقوة الرائحة .. زجاج محطم وأصابع نازفة ، وأرضية امتلأت بك .. ربما هذا اليوم فقط !
ألصقت رأسي بجنون على الأرضية الباردة ... وبكيت !
لأول مرة أعري أحزاني وأبكي بهذه المرارة منذ رحلت !
بكيت يتمي يا أماه .. بكيت ضعفي المذل .. وصمتي المرهق .. دفاتري الباردة .. وقلبي الموجوع !
علمني رحيلك ألا أسرف في استخدام الفرح ..
علمني ألا أبعثر ذاكرتي في الأصوات والصور والخيالات ، وأختزل كل شيء في سحر تلك الرائحة ..
علمني بأن الذين تغيبهم الحياة .. هم نفسهم الذين يجرون خطواتهم ببطء شديد بعيدا عن حياتنا .. وسيأتي يوم ننظر في أعينهم فلا نرى سوى الفراغ !
علمني رحيلك بأن القلوب لها ذنوب يا أمي !

هناك تعليق واحد: