الأحد، 7 أغسطس 2011



لأني كنت مغيّبة عن الحياة حين أتى ، كان امتداد يده مختلفاً تماماً عنّ كل تلك الايدي التي لامستني !
كأنّه لا يكتفي بـ روحٍ واحدة ! كأنه ينزع قطعاً هائلة من أرواحنا معه ويرحل ، يدع لنا جداراً رهيفاً من القلب ، نتكئ عليه في ظـلّ الحياة أو الموت "أيهما أقرب" !

كيف يمكن للأشياء ، والأصوات ، والأوجه أن تتحالف لتدفعنا إلى البكاء لهذه الدرجة ؟! أن يتآمر كلّ ما حولك بخبث لـ إفراغ قلبك إلا من الحزن !
كيف تنظر لك نظرة تخبرك بأنه ليس من حقك أن تنام جيداً ، ولا أن تبعد عنك تلك اليد التي تعتصر قلبك ، ولا أن تزيل المرارة العالقة في حلقك ، ولا أن تتعثر بمواسم فرح ولا أن تلقي بهم في "حياة" !
كيف تغدو إنسانيتك هشّة لهذه الدرجة ؟! حين تشكك في الحياة التي تقع بين موتين ! فيما لو كنت قادراً على حـياة ، على القيام بأشيائك الصغيرة التي تشعرك بالأمـان ..
كيف تكون إنساناً دون هذا الكمّ الهائل من الخواء في روحك ؟!
كيف تكون حياً رغم كلّ هذا الموت ؟!

لا يصبح للحديث معنى أمام الموت !
كأنك تهاود العمر بـ كومة أحرف ، بـ أرق لا نهاية له ، بغصّة كبيرة تعجز عن ابتلاعها ، وتعجز عن إخراجها لهذا العالم الذي يعبر من أمامك وكأنك خفيّ ! كأنّ قلبك لا يصدر صوتاً ، كأنّك "ميّت" !
تفاصيل الغياب تصبح ضباباً ! ويخبرك قلبك : احتياج آخر وستفقد القدرة على الرؤية ! ستبيض عيناك من الحزن ! ستضعك الحياة في مفترق طرق مقـزّز : أنت لا تستطيع الموت ، وهم لن يعودوا إلى الحياة !
أنت لا تملك إلا الحزن ، إلا أنّ حزناً آخر سيغسل قلبك من كلّ شيء وسيجعل ذاكرتك ضبابية ، فارغة إلا من قطع غيم لا تذكرك رائحتها بشيء بعد الآن !
لـ تدرك ، أنّ الموت لم يأخذ روحاً واحدة ! بل أنه سلبك إياه ، وسلبك ذاكرتك ، وسلبك حقك الإنسـانيّ البسـيط في أن تشعر بالحزن وتستلذّ بالبكاء المحبّ !


ولما يرحل إلينا وطن الأمنيات ، سأخبره أنّي أريد لهذا العالم أن يصمت !
أني أريده أن يلفّ على قلوبهم ثلجاً أبيض ، أن يزرع فيهم حيوات صغيرة تلقي في قلوبهم الفرح ، أن يتعثّروا بـ جنّة .. أن أتخلى عن الأشياء الصغيرة التي تنبض في قلبي ، ليكونوا بخير .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق