الثلاثاء، 26 أبريل 2011



وتأتيني من ذاك الغياب الأسود الذي ابتلعك .. 
أشبه بـ نـور ، تملي عليّ حديثي المرهق القادم بصوت الراحلين الرخيم .. وكأنّ الحديث للأموات ، والحزانى ، والأصدقاء البعيدين .. اشتهاء محض !
وأشعر بالمرارة .. لأنك كنت جميلاً .. جميلاً جداً ، كصوت عذبٍ غير اعتيادي ، يمسّ قلبك فتودّ بعد أن ينهي حديثه أن تغمض عينيك وتضع يديك على أذنيك وتمضي ، كـ عمر جميل .. لم أعد أرغب في العيش عمراً آخر بعده !

- اكتبي لي .. 
- عن ماذا ؟!
- عن الموت ، عن الهزائم وخيبات الأصدقاء ، عن الدهشة ، والسماء والمطر .. كلّ شيء ، فقط اكتبي !

ذلك لأنا اعتدنا الجفاف ، ولأنّ الأشياء لم تكن يوماً برداً وسلاماً !
لأنّي أقف على عتبته ، وأراه ، ولا يريدون تصديق أني أستطيع رؤيته "بل أني ألفتُ وجهه" ..
لأنّ كلّ الأشياء الصغيرة المستفزّة ، التي تدفعني للجنون والأرق المحبّب وحتى الصراخ ، الأشياء التي تجعل أطرافي باردة ، وقلبي موجوع بـ لذّة ! كلّ تلك الأشياء مرتبطة بك .. وكلها تعود من أجلك ، وتتكون لك !
حتى أولئك الذين أتقاطع معهم ، أدرك فيما بعد أنهك كانوا أصدقاءاً لك في حياة أخرى ..

اليوم أريد أن أكتب لـ أصدقائي ، رسائل مقننة .. أدسها من تحت أبوبابهم ، في قلوبهم ، فوق أحزانهم تماماً ..
أصدقائي الذين تقاطع معهم الموت كثيراً ، منذ الفرح الأخير ، منذ اللحظة الأخيرة التي ابتسمنا فيها معاً ، وأضاء الكون بلون البنفسج ..
أولئك الأصدقاء الذين فرشوا أمامهم خرائط كبيرة ، مدوا أيديهم بسخاء ووضعوا قلبهم تماماً حيث كنت ، حزينة في عمرٍ مضى !
أصدقائي الذين حين يحدثونني .. أسمع البكاء الثقيل كحجر يتحرك في جيوبهم ، وأرى الحزن يطل من ياقاتهم ! رغم أنه مضى عمر .. عمر على الموت الذي تعثر بنا !

تعرفين كيف يغدو الشعور حين تتوهين في هذا العالم المخيّب للآمال ؟!
أنا لا أدرك سوى أنّي كبرت لـ درجة مقيتة ، وأنّي أضع قدمي على قطعة خشبية عتيقة ، باهتة .. وبأنّ شيئاً ما مرّ من أمامي مسرعاً .. مسرعاً لدرجة تطاير معه شعري ، وشعرت بالوجع في قلبي .. شيئاً ربما كان عمري !



* الآن سأخبرك بأمر .. لأنّ حديث العمر بيننا متعب ! 
أنا خائفة ، وحزينة ، وقلقة جداً من حزنك القادم ! من حزنك الذي أتخيله وأدرك جيداً بأنه سيأتي .. ولا أدرك أيهما أكثر أنانية ! أن أعتذر منك مسبقاً عن حزن لن يكون لي يدٌ فيه ، أم أني أتمنى في سرّي أن يحدث ويوجعك بينما لا نزال أصدقاء ،
"
ربّما لأني سأضع يـدي في يديك حتى تبتسمين من جديد ، وإن سرق ذلك الحزن عمري الآخر" ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق